للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإلى جانب هذه الأنواع من شرك الربوبية التي ذكرت هنا، هنالك أمثلة أخرى سوف أتطرق لها في الصفحات التالية.

قلت في النظم:

أو اعتقاد وحدة الوجود

وذي مقالة أولي الجحود

كذاك قول معشر الإلحاد

من شيعة الحلول واتحاد

الشرح:

(أو اعتقاد) عطف على " إنكار" المذكور في البيت السابق (وحدة الوجود) وسيأتي معناها، (وذي مقالة أولي) أي ذوي (الجحود) إذ لا فرق - عند التحقيق - بين منكر وجود الخالق عز وجل، وبين من يزعم أن الخالق هو عين المخلوق! (كذاك) يعد ناقضا للإيمان (قول معشر) أي جماعة (الإلحاد من شيعة الحلول) والـ (اتحاد) وسيأتي تعريفها.

إعلم أن مذهب الحلول والاتحاد من أفسد المذاهب التي حدثت في هذه الأمة، والتبس أمر بعض القائلين به على بعض علماء المسلمين، قبل أن يتبينوا حقيقة هذا المذهب وشدة إغراقه في الكفر والزندقة. وأساس هذا المذهب - على كثرة تفريعاته - جعل الرب هو العبد حقيقة. ثم هم إما يقولون بحلوله فيه، أو اتحاده به، وعلى التقديرين فإما أن يجعل ذلك مختصا ببعض الخلق، أو عاما في كل الخلق، فالأقسام إذن أربعة: (١)

القسم الأول: الحلول الخاص، ومعناه حلول الرب - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - في مخلوق معين خاص، وهذا قول النسطورية من النصارى القائلين بحلول اللاهوت في الناسوت كحلول الماء في الإناء، وقد وافقهم في هذه الأمة غلاة الروافض الذين يقولون إنه حل في علي بن أبي طالب وأئمة آل البيت، وغلاة المتصوفة الذي يقولون بالحلول في الأولياء أو بعضهم كالحلاج وغيره.

القسم الثاني: الاتحاد الخاص وهو قول يعقوبية النصارى القائلين بأن اللاهوت والناسوت اختلطا وامتزجا كاختلاط اللبن بالماء، وهو قول من وافقهم من الغلاة في هذه الأمة.


(١) انظر هذا التقسيم في مجموع الفتاوي (٢/١٧١ ومابعدها) ، وفي مواضع أخرى، ولشيخ الإسلام رحمه الله تعالى مع الحلوليين والاتحاديين، صولات وجولات مشهورة في عامة كتبه.

<<  <   >  >>