للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القسم الثالث: الحلول العام وهو قول الجهمية المتقدمين – ومن وافقهم من المتأخرين – الذين يقولون إن الله بذاته في كل مكان!! وهذا المذهب باطل من وجوه متعددة لا سبيل إلى بيانها في هذا الموضع، لئلا أخرج عن المقصود. ويمكن الرجوع في هذه المسألة بالذات – أعني مسألة إثبات علو الله عز وجل والرد على الجهمية في بدعتهم الحلولية – إلى كتاب العلو للعلي الغفار للحافظ الذهبي (١) ، وكتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" للعلامة ابن القيم، وغيرها.

القسم الرابع: الاتحاد العام، وهو قول أهل وحدة الوجود، وهو مذهب خبيث يزعم أصحابه أن الخالق عين المخلوق، وهم - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – أكفر من اليهود والنصارى من وجهين (٢) :

إن الرب عند النصارى يتحد بعبده المخصوص المقرب والمصطفى بعد أن لم يكونا متحدين وأما أهل وحدة الوجود فيقولون إن الرب مازال متحدا بالعبد!!

ثم النصارى خصوا ذلك بالمسيح، وأما هؤلاء فجعلوه في الكون كله، حتى الأنتان والكلاب والخنازير والقاذورات وغير ذلك.

ويقول العلامة علي القاري رحمه الله: " ثم اعلم أن القول بالحلول والاتحاد الموجب لحصول الفساد والإلحاد شر من المجوس والثنوية والمانوية القائلين بالأصلين النور والظلمة" (٣) ، وبعد أن بين وجه ذلك قال: "وكذا شر من النصارى القائلين بالتثليت فإنهم متفقون على أن صانع العالم واحد ويقولون باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد فقولهم في التثليت مناقض في نفسه وقولهم في الحلول أفسد منه بحسب أصله" (٤) .

وحقيقة مذهبهم زعمهم بأنه ليس هناك موجود إلا الله فليس غيره في الكون، وما هذه الأشياء التي نراها في الكون إلا مظاهر لحقيقة واحد هي الحقيقة الإلهية.


(١) اختصره الشيخ الألباني رحمه الله اختصارا نافعا.
(٢) انظر مجموع الفتاوي (٢/١٧٢)
(٣) من رسالة له في الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص: ٣٨) ، وهي على الجملة رسالة نافعة في بابها.
(٤) - نفس المرجع: ٣٨-٣٩.

<<  <   >  >>