للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن التفاضل يحصل في هذه الأمور من جهة الأسباب المقتضية لها، فمن كان مستند تصديقه ومحبته أدلةً توجب اليقين وتبين فساد الشبه العارضة، لم يكن بمنزلة من كان تصديقه لأسباب دون ذلك. فإنه من الظاهر أن العلم بكثرة الأدلة وقوتها، وبفساد الشبه المعارضة لذلك وبطلانها ليس كالعلم المستند على دليل واحد من غير معرفة بالشبه المعارضة له وفسادها.

فهذا مجمل الوجوه التي يحصل بها زيادة الإيمان ونقصانه، كما ذكرها شيخ الإسلام مفصلة. والله أعلم.

الفصل الثالث: أقوال المخالفين.

قلت في النظم:

وخالف الأحناف في التفاضل

وقولهم عار عن الدلائل

ومثلهم أتباع جهم ذي البدع

كذا الخوارج ومن لهم تبع

الشرح:

(وخالف الأحناف) أتباع الإمام الجليلِ أبي حنيفةَ النعمانِ بنِ ثابت رحمه الله، أهل السنة والجماعة (في) مسألة (التفاضل) الحاصل في الإيمان بالزيادة والنقصان، فنفوا ذلك كما سيأتي بحول الله تعالى، (و) لكن لا عبرة بخلافهم، إذ (قولهم) هذا (عارٍ عن الدلائل) الشرعية الصحيحة والصريحة.

(ومثلهم) في هذا القول (أتباعُ جهم) وهو الجهم بن صفوان رأس البدعة وإمام أهل الزندقة والإلحاد، (ذي البدع) صفة للجهم، فإن له في كل باب من أبواب العقائد قولا مبتدعا تفرد به وتبعه عليه أهل الإلحاد، فهو في الإيمان مرجئي وفي القدر جبري وفي الأسماء والصفات مُعطِّل. نسأل الله السلامة في الدين والثبات على اليقين. لذلك قال الحافظ الذهبي في ترجمته:» ما أعلمه روى شيئا ولكنه زرع شرا عظيما « (١) . (كذا الخوارجُ) قائلون بعدم قبول الإيمان الزيادة ولا النقص، (و) مثلهم (من لهم تبع) والمقصود بهم المعتزلة، وبعض علماء الأشاعرة والماتريدية.


(١) - ميزان الاعتدال: ١/٤٢٦.

<<  <   >  >>