للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وسوف أكتفي عند ذكر المخالفين، بالكلام على من يقول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأن هذا هو أشهر الأقوال المخالفة لمذهب أهل السنة في هذه المسألة، على أنه تجدر الإشارة إلى أن هنالك قولين آخرين (١) :

أولهما أن الإيمان يزيد مع التوقف في النقصان لعدم ورود النص المصرح به. وهذه إحدى الروايتين عن الإمام مالك.

وثانيهما أنه يزيد ولا ينقص، وهو مأثور عن بعض الأشاعرة ورواية عن أبي حنيفة، وهو قول الغسانية والنجارية والإباضية.

أما القول المشهور بعدم الزيادة ولا النقصان، فأشهر من قال به هو الإمام أبو حنيفة، ومن تبعه من أعيان مذهبه. وهذا القول مستفيض عنه رحمه الله- بحيث لا مجال لإنكاره أو دفعه، فقد اتفقت كتب الفرق والمقالات على نسبته إليه، كما أن هذا القول مذكور في عامة كتب الأحناف وفي كتب العقيدة المنسوبة إلى أبي حنيفة.

وقد بلغ التعصب لهذا القول ببعض الأحناف مبلغا شنيعا فقد عد بعضهم من الأمور المكفرة التي يكفر صاحبها القول بأن الإيمان يزيد وينقص (٢) !! وعده آخرون منهم قولا مبتدعا، مع أن القائلين به هم الصحابة والتابعون، ومن تبعهم بإحسان من جماهير علماء هذه الأمة (٣) ! والله المستعان.

وممن يقول بعدم زيادة الإيمان ولا نقصانه فرقة الجهمية أتباع الجهم بن صفوان، التي اتفقت كلمة السلف على تبديعها وتضليلها بل وتكفيرِها، يقول ابن القيم في نونيته حاكيا هذه العقيدة عنهم:

قالوا وإقرارُ العباد بأنه ... ... ... خَلاقُهم هو مُنتهى الإيمان

والناس في الإيمان شيءٌ واحد ... ... ... كالمشطِ عند تماثُل الأسنان (٤)


(١) - انظرها مفصلة في كتاب زيادة الإيمان ونقصانه: ٢٧٧ وما بعدها.
(٢) - وهو ابن نجيم في البحر الرائق، فيما نقله عنه صاحب زيادة الإيمان ونقصانه: ٣٣١.
(٣) - زيادة الإيمان ونقصانه: ٣٣٢.
(٤) - النونية (مع شرحها لخليل هراس) : ١/٢٨.

<<  <   >  >>