.. ووسائل الإعلام العميلة – في الداخل والخارج – تقدم لشباب الأمة المنقطعين عن جذورهم، أطباقا شهية – وحفت النار بالشهوات كما قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - – تلبي نداء غرائزهم، وتستحِثُّ شهواتهم من مكامنها، ثم تدُس لهم في تلك الأطباق سما زعافا من الإلحاد والعلمانية واللادينية.
» ... فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينَه بعرض من الدنياَ « (١) .
... وأشد من هذه الفتن كلها، أن الأمة تتخبط في دَيجور من الجهل – بسيطِه ومركَّبِه – تتراءى في جَنَباتِه أنوارٌ خافتة لا تكاد تلمع حتى تخبوَ مرة أخرى. جهل بدينها، وجهل بتاريخها، وجهل بأسباب قوتها، وجهل بالمؤامرات التي تحاك لها ليلا ونهارا!!
... أليس عجبا أن تكون الأمةُ المحمدية التي خاطبها رب العزة جل ثناؤه بقوله: - كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ -، قد وصل بها الحال إلى هذا التشرذم والضياع؟!
... ثم إن هذا العجب سرعان ما يتحول إلى حسرةٍ تقض المضاجع، وألمٍ يملأ الجفونَ دمعا ساخنا، عندما تكتشف أن القائمين على إيقاظ الأمة من سُباتها، والمكلفين بإحياء القلوب والهمم، يتخبطون هم أنفسُهم في أنواع من البدع والجهالات – إلا من رحم الله.
... فهذه طائفة كبرى منتسبة إلى هذه " الصحوة الإسلامية " الواعدةِ، لا تلقي للعقيدة بالا، بل همُّها توحيد الكلمة ولو على غير كلمة التوحيد. مستعدة في تحركها إلى أن تتنازل عن أصول مقدساتها إرضاءً للجماهير. متميعةٌ في ولائها وبرائها، متلطخةٌ بأدران الديموقراطية الكفرية، متشبعة حتى النخاع بنتاجات الحضارة الغربية الملحدة.
(١) - رواه مسلم في كتاب الإيمان-باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل الفتن، برقم: ١٨٦ (ص:٧٢) .