الطائفة الثالثة: غلاة المرجئة، وقد التزموا عدم تكفير من نص الشارع على كفره بقول أو فعل مكفر، إلا أن يصرح بالجحد أو الاستحلال القلبي. وهذا مذهب في غاية الفساد والبطلان، بل نقل إجماع علماء السلف على تكفير من يقول بذلك من المرجئة: قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقال حنبل: حدثنا الحميدي قال: وأخبرت أن ناسا يقولون: من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، ويصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحدا إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه إذا كان مقرا بالفرائض واستقبال القبلة، فقلت: هذا الكفر الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله وعلماء المسلمين، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} . وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به عن الله"(١) .
ومما لا يقضى منه العجب، أن شرذمة من المنتسبين إلى السنة والسلف في هذه الأعصار، أصبحوا يقولون – جهلا أو تجاهلا أو هما معا - بنفس هذه المقالة الخطيرة. فافهم ذلك وتدبر، ولا تغتر بكثرة الدعاوى العريضة.
فكل يدعى وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا!!
وقد قال صاحب الهمزية:
والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء.
هذا ما تيسر جمعه عن القسم الأول وهو في الذنوب المكفرة لذاتها، وننتقل إلى القسم الثاني.
القسم الثاني: ذنوب مفسقة غير مكفرة، وهي الذنوب التي تنقص من الإيمان ولكنها ليست تذهب بأصله، وهي الكبائر التي لم يأت النص بكفر فاعلها، أو ورد النص بذلك ولكن وجب حمله على الكفر الأصغر لوجود قرينة دالة على ذلك.