للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الكفر الأصغر: وهو المعروف في عبارة السلف بكفر النعمة أو كفر دون كفر، وقد يطلق عليه بعض العلماء الكفر العملي، والأولى تجنب هذا الإطلاق لأنه يوهم أن الكفر الأكبر المخرج من الملة لا يكون إلا اعتقاديا، ولا يكون بالعمل، مع أن العلماء الذين يستعملون هذا الاصطلاح لا يقصدون هذا المعنى البتة، بل الكفر الأكبر- كما سبق بيانه مرارا- يكون بالاعتقاد، وبالقول أو الفعل المكفر، وهذه مسألة إجماع عند أهل السنة.

وأما الكفر الأصغر فليس إلا معصية بولغ في وصفها، فهو كفر مجازا لا حقيقة، فلا تنتفي به أحكام الإسلام عن صاحبه، وهو في الآخرة في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وإن عذب لم يخلد في العذاب كما يخلد صاحب الكفر الأكبر، بل هو ممن يدخل الجنة إما ابتداء وإما مآلا.

ومن أمثلته حديث ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن" قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط" (١) . والحديث بوب عليه البخاري رحمه الله: " باب: كفران العشير، وكفر دون كفر".

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" (٢) . وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت" (٣) . وغيرها من الأحاديث.

فتبين إذن بأن الكفر نوعان: أكبر مخرج من الملة، وآخر أصغر دونه. والله أعلم.

الظلم:


(١) - رواه البخاري في الإيمان برقم: ٢٩ (ص٢٩) ، ومسلم مطولا في كتاب الكسوف برقم: ٩٠٧ (ص٣٥٣) .
(٢) - رواه مسلم في الإيمان برقم: ٦٤ (٥٧) .
(٣) - رواه مسلم في الإيمان برقم: ٦٧ (٥٨) .

<<  <   >  >>