للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الظلم في اللغة مجاوزة الحد وهو في الاصطلاح وضع الشيء في غير موضعه (١) . وهو مثل الكفر نوعان: أكبر وأصغر:

الظلم الأكبر: وهو مرادف للكفر الأكبر، وذلك لأن أظلم الظلم وأكلحه وأخطره هو الشرك بالله عز وجل، الذي هو وضع للعبادة في غير موضعها الصحيح.

ولما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ، شق ذلك على الصحابة وقالوا: أينا لم يظلم؟ فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} . قال الحافظ ابن حجر:" ووجه الدلالة منه أن الصحابة فهموا من قوله:" بظلم " عموم أنواع المعاصي، ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وإنما بين لهم أن المراد أعظم أنواع الظلم وهو الشرك، (...) فدل أن للظلم مراتب متفاوتة" (٢) .

وقد وردت آيات قرآنية كثيرة أطلق فيها الظلم، وأريد الكفر الأكبر، وأمثلتها لا تخفى على المتتبع.

٢- الظلم الأصغر: وهو الذي لا ينفي الإيمان عن صاحبه، وهو محصور في ظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم، وفي ظلمهم بعضهم بعضا. كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، وأما الظلم الذي يغفره فظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم، وأما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدبر لبعضهم من بعض" (٣) .


(١) - وعرفه الأشاعرةبأنه التصرف في ملك الغير، والتزموا لذلك أنه لو عذب المطيعين ونعم العاصين لم يكن ظالما!! انظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة: ٣/١٣٢٣.
(٢) - فتح الباري: ١/١١٨.
(٣) -رواه – بهذا اللفظ – البزار من حديث أنس، وله شواهد عند أحمد والطبراني.

<<  <   >  >>