للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام رحمه الله:" قال ابن عباس وأصحابه: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، وكذلك قال أهل السنة كأحمد وغيره" (١) . وقال أيضا:" قال محمد بن نصر: قالوا: صدق عطاء: قد يسمى الكافر ظالما، ويسمى العاصي من المسلمين ظالما، فظلم ينقل عن ملة الإسلام وظلم لا ينقل. (..) قال: وكذلك الفسق فسقان، فسق ينقل عن الملة وفسق لا ينقل عن الملة، فيسمى الكافر فاسقا، والفاسق من المسلمين فاسقا، ذكر الله إبليس فقال {ففسقَ عَن أَمرِ رَبِّه} وكان ذلك الفسق منه كفرا وقال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ} . يريد الكفار دل على ذلك قوله: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} . وسمى الفاسق من المسلمين فاسقا ولم يخرجه من الإسلام. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} وقال تعالى: {فمن فَرَضَ فيهِنَّ الحَجَّ فلا رَفَثَ ولا فُسوقَ ولا جِدالَ في الحَجِّ} فقالت العلماء في تفسير الفسوق هنا: هي المعاصي" (٢) .

قلت في النظم:

والأول الأصل لدى الإطلاق

كما تقرر لدى الحذاق

الشرح:

(والأول) أي الكفر الأكبر هو (الأصل) في الكتاب والسنة، بل وحتى في كلام السلف والأئمة (لدى الإطلاق) أي إذا لم يقيد بما يوضح كونه منقولا إلى معناه المجازي وهو الكفر الأصغر، أو لم توجد قرينة شرعية تمنع إرادة المعنى الحقيقي، وهذا (كما تقرر) بالأدلة اللغوية والشرعية البينة (لدى الحذاق) وأهل التحقيق والبراعة من العلماء.


(١) - مجموع الفتاوى: ٧/٦٧.
(٢) - مجموع الفتاوى: ٧/٣٢٧-٣٢٨.

<<  <   >  >>