وروي من وجه آخر كما تقدم في خبر أبي أمامة رضي الله عنه.
قال المصنف (١/١٥٠) :
(التعريف في الأمصار ... فعله ابن عباس وعمرو بن حريث من الصحابة) انتهى.
أما فعل ابن عباس:
فأخرجه علي بن الجعد في "المسند": (٥٨، ١٥٥) ومن طريقه البيهقي في "الكبرى": (٥/١١٧، ١١٨) وابن أبي شيبة في "المصنف": (١٤/١٣٦) من طريق شعبة عن قتادة عن الحسن قال: أول من صنع ذلك ابن عباس رضي الله عنهما. -يعني: اجتماع الناس يوم عرفة في المساجد -.
تابعه معمر عن قتادة، عند عبد الرزاق في "المصنف": (٤/٣٧٦) .
وإسناده صحيح عن الحسن، ولم يسمع من ابن عباس قاله الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم كما في "المراسيل": (٣٣، ٣٤) لابن أبي حاتم، وابن المديني كما في "علله" والبخاري كما في "علل الترمذي": (١٠٩) والبزار في "مسنده" وابن حزم في "المحلى": (٦/١٢٣) وفي "الإحكام": (٤/٥٩٦) وغيرهم.
وقد جاء في "مصنف ابن أبي شيبة": (٧/٢٩٦) وعنه أبو يعلى في "مسنده": (٤/٤٠٢) من حديث داود بن عيسى عن الحسن قال: أخبرني ابن عباس.
وهذا خطأ.
وجاء في "سنن البيهقي": (٤/١٦٨) وغيره من طريق حميد عن الحسن قال: خطبنا ابن عباس بالبصرة. الخبر.
يعني به: خطب أهل البصرة، والحسن بصري، فقد أخرج الخبر أبو داود في "سننه": (٢/٣٥٢) من حديث حميد عن الحسن قال: خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة.. الحديث.
قال علي بن المديني كما في "علله":
(حديث الحسن خطبنا ابن عباس بالبصرة هو كقول ثابت قدم علينا عمران بن حصين ومثل قول مجاهد: خرج علينا علي، وكقول الحسن: إن سراقة بن مالك بن جعشم حدثهم، وكقوله غزا بنا مجاشع بن مسعود، الحسن لم يسمع من ابن عباس وما رآه قط) انتهى.
وإذا ثبت عدم اللقي بين الراويين، وجاء التصريح بالسماع في خبر من الأخبار، فإن صح الطريق إليه فإنه يحمل على الوهم أو الخطأ.
وأخرجه ابن أبي شيبة: (٤/١/٣١٠-ط. الجزء الملحق) (١٤/٩٤) من طريق هشيم عن يونس عن الحكم عن الحسن به.
وأخرجه عبد الرزاق: (٤/٣٧٧) وابن سعد في "الطبقات": (٢/٣٦٧) من طريق مُعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن به.
ولم يسمعه سليمان من الحسن، وإنما رواه عن أبي بكر الهُذلي، قاله يحيى بن سعيد، نقله العلائي في "جامع التحصيل": (٢٢٨) ، وسليمان التيمي ثقة حافظ، لكنه يدلس عن الحسن وغيره، قاله ابن معين، وأبو بكر الهذلي اسمه سُلْمى بن عبد الله بن سُلمى متروك الحديث.