ثم رواه من طريق مالك (١) ، كما رواه من طريق ابن عيينة. وهذا الحديث رواه عن الزهري كما رواه ابنُ عيينة بسنده ولفظه.
وأما معمر، فاضطرب فيه في سنده ولفظه، فرواه تارة عن ابن المسيب عن أبي هريرة وقال فيه: إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه.
وقيل عنه: وإن كان مائعا فاستصبحوا به.
واضطرب عن معمر فيه.
وظن طائفة من العلماء أن حديث معمر محفوظ فعملوا به، وممن ثبَّتَه محمدُ بن يحيى الذهلي، فيما جمعه من حديث الزهري.
وأما البخاري والترمذي وغيرهما، فعلَّلُوا حديث معمر وبينوا غلطه، والصواب معهم.
فذكر البخاري هنا عن ابن عينة أنه قال: سمعته من الزهري مرار، لا يرويه إلا عن عبيد الله بن عبد الله، وليس في لفظه إلا قوله:" ألقوها وما حولها وكلوه "، وكذلك رواه مالك وغيره، وذكر من حديث يونس، أن الزهري سئل عن الدابة تموت في السمن الجامد وغير الجامد، فأفتى بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح.
فهذه فتيا الزهري في الجامد وغير الجامد، فكيف يكون قد روي في هذا الحديث استواء حكم النوعين بالحديث، ورواه بالمعنى فقال: وأمر أن يطرح وما قرب منها.
وروى صالح بن أحمد في مسائله عن أحمد قال: حدثنا إسماعيل حدثنا عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة أن ابن عباس سئل عن فأرة ماتت في سمن قال: تؤخذ الفأرة وما حولها. قلت: يا مولاي! فإن أثرها كان في السمن كله. قال: عضضت بهن أبيك، إنما كان أثرها في السمن وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت.
ثم قال: حدثنا أبي حدثنا وكيع حدثنا عن النضر بن عربي عن عكرمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فسأله عن جرٍّ فيه زيت وقع فيه جَروٌ، فقال: خذه وما حوله فألقه وكله، وروي نحو ذلك عن ابن مسعود - وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وإحدى الروايتين عن