القراءات مقطوع به إلا أحرفا يسيرة يعرفها الحفاظ من الثقات، والأئمة النقاد. ومنهم من ذكر ما وصل إليه من القراءات كسبط الخياط، وأبي معشر في الجامع وأبي القاسم الهذلي وأبي الكرم الشهرزوري وأبي علي المالكي وابن فارس وأبي علي الأهوازي وغيرهم، فهؤلاء وأمثالهم لم يشترطوا شيئا وإنما ذكروا ما وصلهم فيرجع فيها إلى كتاب مقيد أو مقرئ مقلد.
فإن قلت: قد وجدنا في الكتب المشهورة المتلقاة بالقبول تباينا في بعض الأصول والفرش كما في الشاطبية نحو قراءة ابن ذكوان "تَتَّبِعَانَ"[يونس: ٨٩] بتخفيف النون وقراءة هشام "أَفْئيدَةً"[الأنعام: ١١٣] بياء بعد الهمزة وكقراءة قنبل "عَلَى سُوقِهِ"[الفتح: ٢٩] بواو بعد الهمزة، وغير ذلك من التسهيلات، والإمالات التي لا توجد في غيرها من الكتب إلا في كتاب أو اثنين وهذا لا يثبت به تواتر. قلت: هذا وشبهه وإن لم يبلغ مبلغ التواتر صحيح مقطوع به نعتقد أنه من القرآن وأنه من الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها، والعدل الضابط إذا انفرد بشيء تحتمله العربية والرسم واستفاض وتلقي بالقبول قطع به وحصل به العلم، وهذا قاله الأئمة في الحديث المتلقي بالقبول أنه يفيد القطع وبحثه الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم الحديث وظن أن أحدا لم يسبقه إليه وقد قاله قبله الإمام أبو إسحق الشيرازي في كتابه "اللمع في أصول الفقه" ونقله الإمام الثقة مجتهد عصره أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية عن جماعة من الأئمة منهم القاضي عبد الوهاب المالكي والشيخ أبو حامد الإسفرايني والقاضي أبو الطيب الطبري والشيخ أبو إسحق الشيرازي من الشافعية وابن حامد وأبو يعلى بن الفراء وأبو الخطاب وابن الزغوني وأمثالهم من الحنابلة وشمس الأئمة السرخسي من الحنفي.
قال ابن يتيمة: وهو مذهب أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم كأبي إسحق الإسفرايني وابن فورك. قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة. قلت: فثبت من ذلك أن خبر الواحد العدل الضابط إذا حفته قرائن يفيد العلم ونحن ما ندعي التواتر في كل فرد مما انفرد به بعض الرواة أو اختص ببعض الطرق لا يدعي ذلك إلا جاهلا لا يعرف ما التواتر وإنما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين: متواتر وصحيح مستفاض متلقى بالقبول والقطع حاصل بهما.
وأما ما قاله الإمام أبو حيان، واستشكله حيث قال؛ وعلى ما ذكره هؤلاء من المتأخرين من تحريم القراءة الشاذة يكون عالم من الصحابة والناس من بعدهم إلى