مراده قراءة هؤلاء السبعة فمن أي رواية ومن أي طريق ومن أي كتاب؟ فالتخصيص لم يدعه ابن الحاجب ولو ادعاه لما سلم إليه ولا يقدر عليه بقي الإطلاق وهو كل ما جاء عن السبعة فقراءة يعقوب وأبي جعفر فيما انفردا به جاءت عن السبعة. فقال لي رحمه الله. فمن أجل هذا قلت: والصحيح أن ما وراء العشرة فهو شاذ ما يقابل الصحيح إلا فاسد، وظهر منه في تلك الحالة أنه بدا له تغيير السبع بالعشر فلم يمهل وانتقل إلى رحمة الله تعالى. وأنشدته يوما من أول قصيدتي هداية المهرة في تتمة العشرة:
لمن أتقن السبع القراءات وهو يط ... لب العشر والطرق العوالي مكملا
فكم من إمام قال فيها تواترت ... وإجماع أهل العصر في ذا تنزلا
وذا الحق وهو الاعتقاد بلا مرا ... فتتلو بها في الفرض مع غيره كلا
فاستحسنها كثيرا ثم سألته أن يكتب لي شيئا في هذا المعنى يشفي القلب فقال لي: اكتب لي فتوى أكتب لك عليها فكتبت له ما صورته:
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وهداة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين في القراءات العشر التي يقرأ بها اليوم، هل هي متواترة أو غير متواترة؟ وهل كل ما انفرد به واحد من الأئمة العشرة بحرف من الحروف متواتر أم لا؟ وإذا كانت متواترة فماذا يجب على من جحددها أو حرفا منها؟ أفتونا مأجورين رضي الله عنكم أجمعين. فأجابني ما صورته ومن خطه نقلت: الحمد لله؛ القراءات العشر -السبع التي اقتصر عليها الشاطبي والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب وقراءة خلف- متواترة معلومة من الدين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحد من العشرة متواتر معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكابر في ذلك إلا جاهل، وليس التواتر في شيء منها مقصورا على من قرأ بالروايات بل هي متواترة عند كل مسلم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ولو كان مع ذلك عاميا جلفا لا يحفظ من القرآن حرفا، ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا تسع هذه الورقة شرحه وحظ كل مسلم وحقه أن يدين الله تعالى ويجزم نفسه بأن ما ذكرناه متواتر معلوم باليقين لا تتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه والله تعالى أعلم؛ كتبه عبد الوهاب السبكي الشافعي.
قلت: ولو عاش رحمه الله حتى وقف على هذا المؤلف لأنصف ولكتب عليه كما كان يتفضل في غيره من تآليفي رحمه الله تعالى.
وأما قول الشيخ علم الدين أبي الحسن علي بن محمد السخاوي في آخر كتابه