للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن الأول: أن الأخفش قد أجاز: إنّ قائما أخواك. ومنع سيبويه لها إنما هو لعدم مسوغ الابتداء بالنكرة.

قال بعض الفضلاء من أهل العصر، وقد عرضت ذلك عليه وارتضاه: قد خطر لي أن نحو "ليس قائم أخواك" يتفق الإمامان على إجازته.

وعن الثاني: أن ابن كيسان١ اختار حذف التنوين من نحو ذلك، وجعل منه {لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} ٢ و {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} ٣. وإن كان جمهور البصريين يؤولون ذلك.

قال بعض مشايخنا: وأرى أن مذهب ابن كيسان أولى لعدم التكلف.

[وجها النصب] :

وأما النصب في "إلا الله" فمن وجهين:

أولهما: أن يكون على الاستثناء إذا قدر الخبر محذوفا، أي لا إله في الوجود إلا الله عز وجل. ولا يرجح عليه الرفع على البدل، كما هو مقدر في الاستثناء التام غير الموجب، من جهة أن الترجيح هناك لحصول المشاكلة في الإتباعِ دون الاستثناء. حتى لو حصلت المشاكلة فيهما استويا، نحو: ما ضربت أحداً إلا زيدا.

نص على ذلك جماعة منهم الأُبذي رحمه الله تعالى. بل إذا حصلت المشاكلة في النصب على الاستثناء وفاتت في الإتباع ترجح النصب على الاستثناء. وهذا كذلك يترجح النصب في القياس، لكن السماع والأكثر الرفع. ولا يستنكر مثل ذلك، فقد يكون الشيء شاذا في القياس وهو واجب الاستعمال. وليس هذا موضع بسط ذلك٤.

وقاك أبو الحسن الأبذي في شرح الكراسة: إنك إذا قلت: لا رجل في الدار إلا عمرو، كان نصب "إلا عمرو" على الاستثناء أحسن من رفعه على البدل، لما في ذلك من المشاكلة.


١ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان، أبو الحسن النحوي، أخذ عن المبرد وثعلب، وكان يحفظ المذهب البصري والكوفي في النحو، لكنه كان إلى مذهب البصريين أميل. من تصانيفه: المهذب في النحو، غلط أدب الكاتب، معاني القرآن، غريب الحديث. (انظر: بغية الوعاة ١/١٨_١٩) .
٢ سورة الأنفال آية:٤٨.
٣ سورة يوسف آية: ٩٢.
٤ الكلام في الاطراد والشذوذ على أربعة أضرب: مطرد في القياس والاستعمال جميعا، ومطرد في القياس شاذ في الاستعمال، ومطرد في الاستعمال شاذ في القياس نحو قولهم استحوذ، وشاذ في القياس والاستعمال جميعا.
انظر: المسألة بالتفصيل في الخصائص لابن جني ١/٩٦ وما بعدها، الأشباه والنظائر للسيوطي ٢/١٧٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>