للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن أبا القاسم الكرماني١ رحمه الله تعالى، قال في كتاب الغرائب، في قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} ٢: ولا يجوز النصب هنا، لأن الرفع يدل على أن الاعتماد على الثاني، والنصب يدل على أن الاعتماد على الأول. يعني إنك إذا أبدلت فما بعد إلا مسند إليه كالذي قبلها، إلا أن الاعتماد في الحكم على البدل٣، وإذا نصبت فما بعد إلا ليست مسندا إليه، إنما هو مخرج.

وقد اعترض عليه بأنه لا فرق في المعنى بين قولنا: ما قام القوم إلا زيدٌ وإلا زيداً، إلا من حيث ان الرفع أولى من جهة المشاكلة.

وكلام الكرماني لا يقتضي منع النصب مطلقا، بل في الآية من جهة الأرجحية التي يجب حمل أفصح الكلام عليها.

وقي كلام بعضهم أرجحية الرفع لأن فيه إعراضا عن غير الله تعالى وإقبالا عليه بالكلية. وأما الاستثناء فيقتضي الاشتغال بنفي السابق وإثبات اللاحق، ففيه اشتغال بهما جميعاً. وهذا قد يرجح به النصب.... ٤

ثانيهما: أن يكون الخبر محذوفا كما سبق، و"إلا الله " صفة لاسم "لا" على اللفظ٥. وفي عبارة بعضهم أو على الموضع بعد دخول "لا"، وهما متقاربان كما سبق مثلهما في اللفظ.

قال الأبذيَ: ولا يجوز البدل من اسم "لا" عام اللفظ، يعني في: لا رجلَ في الدار إلا، زيداً، لأن البدل في نية تكرار العامل، ولو قدر فسد المعنى، وعملت "لا" في المعرفة. انتهى.


١ محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني الشافعي، يعرف بتاج القراء، مقرئ مفسر فقيه نحوي صرفي. من كتبه: " لباب التفسير" وهو المعروف بكتاب العجائب والغرائب، ضمنه أقوالا في بعض الآيات، قال السيوطي "لا يحل الاعتماد عليها، ولا ذكرها إلا للتحذير منها". ومن كتبه: شرح اللمع لابن جني، البرهان في متشابه القرآن. توفي سنة ٥٠٥هـ. (انظر: بغية الوعاة ٢/٢٧٧، الأعلام ٧/١٦٨، معجم المؤلفين ١٢/١٦١) .
٢ سورة البقرة آية: ١٦٣ وغيرها.
٣ ما قال ابن مالك في ألفيته:
التابع المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى بدلا
٤ في المخطوطة نحو سطر غير واضح.
٥ قال المبرد: سألت المازني: هل تجيز (لا إله إلا الله) فأجازه على وجهين: على تمام الكلام، لأنه أضمر لنا، وللناس، فنصبه بالاستثناء. والوجه الآخر أن تجعل "إلا" وصفا، كأنه قال: لا إله غيرَ الله، وأضمر الخبر، وجعل "إلاّ" وما بعدها في موضع غير ... (انظر النكت في تفسير كتاب سيبويه ٦٢٥) .

<<  <   >  >>