للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومحاولة تفسير هذه الظاهرة بإيجاد علاقة صوتية بين العين والنون أراه تكلفًا لا مسوغ له، فيكفي أن نقول: إنهما لغتان، لأن إبدال العين نونًا لم يصدر - بالتأكيد - عن ناطق واحد، بل هما - كما يقول أبو الطيب اللغوي في تفسير ظواهر الإبدال - لغتان مختلفتان هذه لقبيلة، وتلك لأخرى١.

وكان الدكتور إبراهيم أنيس يرى "أن الأمر لم يكن مقصورًا على الفعل (أعطى) بل يتعلق بكل (عين) سواء وليها طاء أو صوت آخر. فلعل من القبائل من كانوا ينطقون بهذا الصوت بصفة خاصة نطقًا أنفميًا، وذلك بأن يجعلوا مجرى النفس معه من الفم والأنف معًا، فتسمع العين ممتزجة بصوت النون وليست في الحقيقة نونًا، بل هي (عين) أنفمية. وعلى هذا فيمكن أن يقال: إن الرواة قد سمعوا هذه الصفة ممثلة في الفعل (أعطى) فأشكلت عليهم، ولم يصفوها لنا على حقيقتها"٢.

وهذا افتراض بلا دليل، ولو أن الرواة سمعوا للاستنطاء أمثلة أخرى غير الفعل (أعطى) لذكروها، لأن الأمر عندهم لا يتوقف على ظاهرة لغوية مجردة لم يحسنوا وصفها كما زعم، بل يتعلق بنص القرآن الكريم وما ورد فيه من قراءات بلغوا الغاية في وصفها وضبطها.

ويرى بعض المستشرقين أن الاستنطاء لا علاقة له ألبتة بالفعل (أعطي) ، بل هو فعل سامي آخر معروف في العبرية هو (نطا) بمعنى (مد يده، ثم زيدت عليه الهمزة فصار على وزن (أفعل) في العربية، بزيادة الهمزة٣.


١ ينظر: ص ١٣، ١٤من هذا البحث.
٢ في اللهجات العربية ١٤٢.
٣ في اللهجات العربية ١٤٢.

<<  <   >  >>