قبائل العرب ليس من قبيل تعارض المصادر أو تناقضها، وإنما ذاك بسبب تأثر القبائل بعضها ببعض بالمجاورة أو الاختلاط في مواسم الحج أو الأسواق أو الحروب، أو نحو ذلك، وقد نتج عن ذلك أيضاً عزو بعض الظواهر اللغوية المتناقضة إلى قبيلة واحدة، كتعاقب الواو والياء في لغات الأزد، وذلك أن اللغات ظواهر اجتماعية لا يمكن أن ينتظمها قانون شامل أو جامع مانع.
٧- اشترك الأزد وطيء - مع تباعد منازلهم - في عدد من الظواهر اللغوية، وقد أرجع البحث سبب ذلك إلى أنهما في الأصل من القبائل القحطانية المهاجرة من بيئة واحدة في بلاد اليمن.
٨- أثبت البحث أن الفتح في أوائل أحرف المضارعة هو الأصل في اللغة العربية واللغات السامية، وذلك خلاف ما يراه بعض المعاصرين.
٩- ربط البحث بين الظواهر اللغوية القديمة في لغات الأزد، والظواهر المماثلة لها اليوم في لهجات أهل السراة وغيرهم، وبين صلتها الوثيقة بلغات أسلافهم، ومثل هذا الربط يمهد الطريق أمام المعجم التاريخي للغة.
١٠- خلص البحث إلى أن معظم مناطق السراة - وهي من معاقل الضاد منذ القدم - لا تزال تزخر بظواهر لهجية كثيرة تماثل أو تخالف ما عزي إلى الأزد قديماً، وإني لأرى ضرورة جمع هذه اللهجات من أفواه أهلها، ودراستها قبل انقراضها وزوالها، لأنها تساعد في فهم وتوضيح كثير من المسائل اللغوية التي فات علماء العربية القدامى تسجيلها وتوضيحها.
وبعد:
فأحسب أني بهذه الدراسة قد وضّحت ظاهرة من أهم الظواهر اللغوية المعزوة للأزد، وأرجو أن تكون حافزاً لدراسة سائر لغاتهم في الأصوات والأبنية والتراكيب والدلالة، فهي لا تزال مجالاً خصباً للدراسات اللغوية الجادة.
والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.