٢- النية في الطهارات الثلاث: اختلف الفقهاء في حكمها، فقال قوم بلزومها في جميع الطهارات من وضوء، وغسل وتيمم، وقال آخرون: بلزومها في التيمم فقط. وحينئذ فالقول بعدم لزومها في الجميع قول ثالث يرفع ما اتفق عليه من لزومها في التيمم.
٣_فسخ النكاح بالعيوب، وهي الجذام، والبرص، والجب، والعنة، والرتق، والقرن: اختلف الفقهاء في ذلك فمنهم من قال: يفسخ النكاح في أي منها. وحينئذ فالقول بالفسخ بالبعض دون البعض قول ثالث ولكنه لا يرفع ما اتفق عليه، لأنه لم ينعقد الإجماع على أحد هذه العيوب.
٤_ أم وأب وأحد الزوجين: اختلف العلماء في ميراث الأم: فقال فريق: ترث الأم ثلث المال كله، وقال فريق آخر: ترث ثلث الباقي وحينئذ فالقول بأنها ترث ثلث المال كله مع أحد الزوجين وثلث المال كله مع أحد الزوجين وثلث الباقي مع الآخر قول ثالث، ولكنه لا يرفع ما اتفق عليه لأنه يوافق كل فريق من وجه.
وجهة نظر القائلين بالمنع مطلقا:
قالوا: إنه لو جاز إحداث القول الآخر لكان مخالفا للإجماع المنعقد على عدم القول به ومستلزما تخطئة كل الأمة، وهذا لا يجوز لمخالفته لعموم أدلة الإجماع.
ولنا أن نقول: إن القول بالمنع لا ينافي القول بالتفصيل لأن الممنوع هو مخالفة الكل فيما اتفقوا عليه كما في مسألة الجد مع الأخوة، أما أن يخالف كل فريق من وجه ويوافقه من وجه فلا يتجه عليه المنع كما في مسألة فسخ النكاح بالعيوب.
وجهة نظر القائلين بالجواز مطلقا: قالوا: إن وقوع الاختلاف في حكم حادثة دليل على أنها من المسائل الاجتهادية التي يصح الاجتهاد فيها، وحينئذ لا مانع يمنع من الاجتهاد فيها بالنسبة لمجتهدي العصور التالية١.
وأجيب عن ذلك بأن الاختلاف يكون دليلا على صحة الاجتهاد فيما إذا لم يمنع مانع من الاجتهاد، وهنا المانع موجود، وهو إجماع الفريقين على نفي القول الآخر.
وجهة نظر القائلين بالتفصيل: _
قالوا: إن كان القول الآخر يرفع ما اتفق عليه القولان كما في مسألة