للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترغيباً فيه، وزخرفاً ينفقونه به، وسمّوا الحقَّ باسم الباطل تنفيراً عنه، والناس أكثرهم مع ظاهر السكّة، ليس لهم نقد النقّاد١.

ولا يأمن جانب الغلط في هذا الباب الخطير من لا يتعرّف على نهج السلف ويسلك طريقتهم، فهي طريقة سالمة مأمونة مشتملة على العلم والحكمة، وكلامهم في التوحيد وغيره قليلٌ كثيرُ البركة٢، فهم لا يتكلّفون، بل يعظِّمون النصوص، ويعرفون لها حرمتها، ويقفون عندها، ولا يتجاوزونها برأي أو عقل أو وَجْدٍ أو غير ذلك.

فهم بحقٍّ الأئمةُ العدول والشهود الأثبات، ولا يزال بحمد الله في كلِّ زمان بقايا منهم "يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن عباد الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهّال الناس بما يشبّهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلّين"٣.

ولهذا فإنَّ دراسة آثار هؤلاء وأقوالهم المنقولة عنهم في نصر السنة وتقرير التوحيد والردّ على أهل الأهواء يُعدّ من أنفع ما يكون لطالب العلم، للتمييز بين الحقّ والباطل، والسنة والبدعة، والهدى والضلال؛ لأنَّ هؤلاء الأئمة قد مضوا


١ انظر: مدارج السالكين لابن القيم (١/٢٦،٢٧) .
٢ انظر: مدارج السالكين (١/١٣٩) ، وشرح العقيدة الطحاوية (ص١٩) .
٣ مقتبس من مقدّمة كتاب الردّ على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل.

<<  <   >  >>