للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع:]

في معنى قوله: "والسؤال عنه بدعة" والضوابط المستفادة منه

قوله رحمه الله: "والسؤال عنه بدعة" أي: الكيف، فالسؤال عن كيفية صفات الباري بدعة محدثةٌ، "لأنَّه سؤال عما لا سبيل إلى علمه، ولا يجوز الكلام فيه، ولم يسبق ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من بعده من أصحابه"١.

قال الإمام البربهاري رحمه الله: "احذر صغار المحدثات مِن الأمور، فإنَّ صغارَ البدع تعود كباراً، فالكلام في الربِّ عز وجل مُحدثٌ وبدعة وضلالة، فلا نتكلّم فيه إلاَّ بما وصف به نفسه، ولا نقول في صفاته: (لِمَ؟) ، ولا (كيف؟) ، والقرآن كلام الله وتنزيلُه ونوره ليس مخلوقاً، والمِراء فيه كفر"٢.

وهذا من السنة اللازمة المتأكّدة في حق كلِّ مسلم، ومَن فارق ذلك كان معدوداً في جملة أهل البدع والأهواء، كما قال الإمام علي بن المديني رحمه الله: "السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها أو يؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشرّه، ثم تصديق بالأحاديث والإيمان بها لا يُقال: لِمَ؟، ولا كيف؟ إنَّما هو التصديق بها والإيمان بها وإن لم يعلم تفسير الحديث ويبلغه عقلُه فقد كفى ذلك وأحكم عليه الإيمان به والتسليم"٣.

ثم إنَّه خوض في أمرٍ محالٍ على العقول أن تدركه، فكما أنَّ بصر الإنسان له غاية لا يمكن أن يتجاوزها، وكما أنَّ سمعه له غاية لا يمكن أن يتجاوزها، فكذلك


١ ذم التأويل لابن قدامة (ص:٢٦) .
٢ سير أعلام النبلاء (١٥/٩١) ، وانظر شرح السنة للبربهاري (ص:٢٤،٢٥) .
٣ رواه عنه اللالكائي في شرح الاعتقاد (١/١٦٥) .

<<  <   >  >>