للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجهول، أو تفسير الاستواء مجهول، أو بيان الاستواء غير معلوم، فلم ينف إلاَّ العلم بكيفية الاستواء، لا العلم بنفس الاستواء، وهذا شأن جميع ما وصف الله به نفسه، ولو قال في قوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأرَى} كيف يسمع ويرى؟ لقلنا: السمع والرؤيا معلوم، والكيف مجهول، ولو قال: كيف كلّم موسى تكليماً؟ لقلنا: التكليم معلوم، والكيف غير معلوم.

وأيضاً فإنَّ من قال هذا من أصحابنا وغيرهم من أهل السنة يقرُّون بأنَّ الله فوق العرش حقيقة وأنَّ ذاته فوق ذات العرش، لا ينكرون معنى الاستواء، ولا يرون هذا من المتشابه الذي لا يُعلم معناه بالكلية.

ثم السلف متفقون على تفسيره بما هو مذهب أهل السنة، قال بعضهم: ارتفع على العرش، علا على العرش، وقال بعضهم عبارات أخرى، وهذه ثابتة عن السلف، قد ذكر البخاري في صحيحه بعضها في آخر كتاب الرد على الجهمية، وأما التأويلات المحرّفة مثل استولى١ وغير ذلك، فهي من التأويلات المبتدَعة لما ظهرت الجهمية" إلى آخر كلامه رحمه الله٢.

ومنهج هؤلاء مع النصوص المخالفة لعقائدهم كما قال شيخ الإسلام: "تارة يحرّفون الكلم عن مواضعه، ويتأوّلونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه ويقولون: نفوّض معناه إلى الله، وهذا فعل عامّتهم"٣.

فكلام السلف رحمهم الله مؤتلف غير مختلف، ومقبول غير مردود، بخلاف كلام أهل الأهواء والبدع، فهم في قول مختلف يُؤفك عنه من أُفك، قُتل الخرّاصون.


١ في المطبوع: "استوى"، وهو تصحيف.
٢ مجموع الفتاوى (١٣/٣٠٩،٣١٠) .
٣ مجموع الفتاوى (١٣/١٤٣) .

<<  <   >  >>