للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرش استوى خلاف ما يقرّ في نفوس العامة فهو جهمي"١.

وقال الأوزاعي: "كنا والتابعون متوافرون نقرُّ بأنَّ الله فوق عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته"٢ ٣.

قال الإمام الصابوني رحمه الله: "وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أنَّ الله تعالى على عرشه وعرشه فوق سماواته، يُثبتون له من ذلك ما أثبته الله تعالى ويؤمنون به ويُصدِّقون الرب جلّ جلاله في خبره، ويُطلقون ما أطلقه سبحانه وتعالى من استوائه على العرش ويُمرُّونه على ظاهره ويَكِلون علمه إلى الله، ويقولون: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ} ٤، كما أخبر الله تعالى عن الراسخين في العلم أنَّهم يقولون ذلك ورَضِيَه منهم فأثنى عليهم به"٥.

وبما تقدّم يتّضح أنَّ مراد الإمام مالك رحمه الله بقوله: "الاستواء غير مجهول" أي غير مجهول المعنى، وأنَّه ثابت لله حقيقة على وجه يليق بجلاله سبحانه.

قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه ذم التأويل: "وقولهم: "الاستواء غير


١ رواه البخاري في خلق أفعال العباد (ص:٢٤) ، وعبد الله في السنة (١/١٢٣) ، وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش (ص:٨٤) ، ثم نقل عن شيخ الإسلام في بيان معناه أنَّه قال: "والذي تقرّر في قلوب العامة هو ما فطر الله تعالى عليه الخليقة من توجّهها إلى ربِّها تعالى عند النوازل والشدائد والدعاء والرغبات إليه تعالى نحو العلوّ لا يلتفت يمنة ولا يسرة من غير موقف وقفهم عليه، ولكن فطرة الله التي فطر الناس عليها، وما من مولود إلاَّ وهو يولد على هذه الفطرة حتى يجهمه وينقله إلى التعطيل من يقيّض له".
٢ رواه البيهقي في الأسماء والصفات (٢/٣٠٤) ، قال شيخ الإسلام في الحموية (ص:٢٣) : "بإسناد صحيح".
٣ درء التعارض (٧/١٠٨،١٠٩) .
٤ سورة: آل عمران، الآية: (٧) .
٥ عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص:٣٧) .

<<  <   >  >>