ولا ريب أنَّ هذا الذي قرّره البوطي هنا ومن قبله الكوثري ومن قبلهما عامة المتكلِّمين يعدُّ افتراء على السلف الصالح رحمهم الله وتقويلاً لهم لشيء لم يقولوه، وقد جمع هؤلاء فيما نسبوه إلى السلف بين أخطاء عديدة أهمّها:
١- تجهيل السلف الصالح رحمهم الله حيث وصفوهم بأنهم لا يفهمون معاني نصوص الصفات، بل يقرأونها قراءة مجرّدة بمنزلة الأميين الذين لا يعلمون
الكتاب إلاّ أمانيّ، وأيُّ تجهيل لهم أعظم من هذا.
٢- الجهل بمذهب السلف الصالح، وأيُّ جهل بمذهب السلف الصالح رحمهم الله أعظم من هذا.
٣- الكذب على السلف عندما نسبوا إليه عدم فقه المعاني.
٤- تكذيب القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} ١ وأيُّ تبيان في كلمات لا يدرى ما معناها.
٥- فتح باب الشر للفلاسفة والقرامطة وغيرهم لنشر ضلالهم وباطلهم فقالوا لهؤلاء المفوِّضة أنتم لا تعرفون شيئاً، ونحن نعرف كيف ننزِّه الله فعطّلوا صفاته بأنواع من التحريفات.
٦- تفضيل طريقة الخلف على طريقة السلف، ولهذا قال أرباب هذه المقالة إنَّ مذهب السلف أسلم ومذهب الخلَف أحكم وأعلم.
إلى غير ذلك من الأخطاء والمفاسد التي ترتبت على اعتقاد هؤلاء في مذهب السلف أنَّه التفويض، وعدم إثبات الصفات التي دلّت عليها النصوص ومن يتأمل الأمر حقيقة يجد أنَّ "السلف كلهم أنكروا على الجهمية النفاة، وقالوا بالإثبات وأفصحوا به، وكلامهم في الإثبات والإنكار على النفاة أكثر