الغداة من أجل فلان ممّا يطيل بنا، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قطُّ أشدَّ غضباً منه يومئذٍ، قال: فقال: "يا أيّها الناس إنَّ منكم منفّرين، فأيُّكم ما صلى بالناس فلْيتَجَوَّز فإنَّ فيهم المريض والكبير وذا الحاجة".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي رأى في قبلة المسجد نُخامة فحكَّها بيده فتغيَّظ ثم قال: "إنَّ أحدكم إذا كان في الصلاة فإنَّ الله حِيال وجهه، فلا يتنخّمنَّ حِيال وجهه في الصلاة".
وعن زيد بن خالد الجهني أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللُّقطة؟ فقال:"عرِّفها سنة، ثم اعرف وِكاءها وعِفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربُّها فأدِّها إليه"، قال: يا رسول الله فضالّة الغنم؟ قال:"خذها فإنّما هي لك أو لأخيك أو للذئب"، قال: يا رسول الله فضالّة الإبل؟ قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرّت وجنتاه، أو احمرَّ وجهه، ثم قال:"ما لك ولها، معها حذاؤها وسقاؤها حتى يلقاها ربُّها".
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حُجيرة مخصَّفة أو حصيراً فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي إليها فتتبّع إليه رجالٌ وجاؤوا يصلّون بصلاته ثم جاؤوا ليلةً، فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم مغضباً فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإنَّ خير صلاة المرء في بيته إلاَّ الصلاة المكتوبة".
فهذا هدي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، يغضب إذا انتهكت حرمات الله، ولا ينتقم لنفسه، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادماً ولا امرأةً ولا دابّةً ولا شيئاً قط، إلاَّ أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء فانتقم لنفسه قط، إلاَّ أن