للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الهادف إلى إظهار الحق وإزهاق الباطل، وقد تأثر أحبار اليهود والنصارى ومفكريهم بالمسلمين في دراساتهم النقدية للتوراة والأناجيل ومن ثم تجرؤا على المشاركة في تلك الدراسات النقدية لكتبهم المقدسة بعد أن تخلصوا من طغيان الكنيسة وسيطرتها واستطاعوا إعلان نتائج دراساتهم التي سبقهم إلى كثير منها علماؤنا المسلمون بقرون عديدة١.

وفي هذه الدراسة الموجزة جداً سنحاول أن نبين الخطوط العريضة والعناوين الرئيسة في نقد أسفار العهد القديم وخاصة التوراة، وستتركز على ناحيتين: الأولى: نقد سند كتبهم المقدسة وعدم صحة نسبتها إلى أنبيائهم، الثانية: نقد المتن وبيان ما فيه من مواطن التحريف والتبديل والخطأ.

الناحية الأولى: نقد السند.

لقد أرشدنا القرآن الكريم إلى طريقة المجادلة والرد على دعاوى اليهود والنصارى وبيان بطلانها وهي مطالبتهم بالحجة والدليل على مزاعمهم قال تعالى: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنّةَ إِلاّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىَ تِلْكَ أَمَانِيّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٢.


١ لعل أول من قام بنقد التوراة من اليهود هو الحبر اليهودي إبراهيم بن عزرا الغرناطي (ت٥٦٢هـ) إلا أنه لم يجرؤ على المجاهرة بذلك في زمنه ولكنه أشار إلى نقده بعبارات غامضة، إلى أن ظهر الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا (ت١٠٧٣هـ - ١٦٧٧هـ) الذي فسر عبارات ابن عزرا الغامضة في نقد التوراة وجهر بذلك وأضاف أدلة أخرى في ذلك النقد (انظر: رسالة في اللاهوت والسياسة - لسبينوزا) ولا يخفى أن ابن عزرا قد تأثر بعلماء المسلمين الذين كان يعيش بينهم وخاصة العلامة ابن حزم (ت٤٥٦هـ) في كتابه الفصل في الملل والنحل في نقده للتوراة والأناجيل وغيرها. (انظر: في مقارنة الأديان بحوث ودراسات ص٧١،٧٢ د. محمد الشرقاوي) .
٢ سورة البقرة، آية ١١١.

<<  <   >  >>