للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سبق أن التوراة نفسها - الحالية - لا تربطها بموسى عليه الصلاة والسلام إلا علاقة ضعيفة جداً١.

وتكفينا في بيان حقيقة التلمود شهادة المؤرخ اليهودي شاهين مكاريوس في تعريف التلمود، حيث قال:

"والتلمود مجموعة تفاسير وشروح وأخبار وإضافات وأحكام وضعها حكماؤهم وربانييهم والمجتهدون منهم، وهو كبير الحجم يزيد عن عشرين مجلداً وضعت في عصور مختلفة وأحوال متباينة، وهو يتألف من المشنة والجمرة، وذلك أنه لما كثرت التقاليد وتشعبت أطرافها، وازداد عدد الكتاب والمجتهدين الناظرين في هذه الشريعة وكثرت الأحكام الصادرة من المجامع في الشؤون المختلفة، قام سمعان بن جاملئيل وتلامذته على تنسيق تلك التقاليد والنظر فيها، فجمعوا ما تيسر لهم جمعه منها، وعكفوا على غربلته وتبويبه، وظلّ العمل سائراً كذلك إلى أن أتمه يهوذا اهاناسي (أعني الرئيس) وتلامذته نحو سنة ٣١٦ ب. م، فجاء ستة أقسام تحتوي على ٦٣ مبحثاً، فيها ٥٢٤ فصلاً"٢.

كما يعترف شاهين مكاريوس اليهودي بوقوع التحريف حتى في التلمود المختلق، فقال: "وأما التلمود البابلي، فكان الفراغ الأول منه نحو أواخر القرن الخامس، ولم يمض زمن طويل حتى اعتور التلمود تحريف وأُدخل فيه تقاليد لم تكن هناك، وأضيف إليه تفاسير وشروح وفتاوى جديدة، وسبب ذلك أن التلمود لم يكن قد قيّد بعد في الكتب والدفاتر، فكان تحريفه سهلاً، ثم إن انتشار اليهود في أنحاء الأرض وكثرة المدارس والجمعيات اليهودية التي نشأت معهم أينما حلّوا، جعلت فرقاً في أحوالهم بحسب تباين تلك الأحوال، فكانت الأحكام الصادرة من هذه الجمعيات في المكان الواحد تباين في بعض


١ انظر: الفكر الديني اليهودي ص٦٦.
٢ انظر: تاريخ الإسرائيليين ص١١٣.

<<  <   >  >>