فالشاهد أن هذه الصفة التي يظن الجاهلون أنها صفة نقص ويتهجمون على رب السموات والأرض بأنه وصف نفسه صفة نقص ثم يسببون عن هذا أن ينفونها ويؤولوها مع أن الله جل وعلا تمدح بها وجعلها من صفات الجلال والكمال مقرونة بما يبهر العقول من صفات الجلال والكمال هذا يدل على جهل وهوس من ينفي بعض صفات الله جل وعلا بالتأويل.
ثم اعلموا أن هذا الشيء الذي يقال له التأويل الذي فتن به الخلق وضل به الآلاف من هذه الأمة اعلموا أن التأويل يطلق مشتركاً بين ثلاث معان:
١- يطلق على ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال وهذا هو معناه في القرآن نحو:{ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاًً} ، {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} الآية {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْل} ومعنى التأويل في الآيات المذكورة ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال.
٢- ويطلق التأويل بمعنى التفسير وهذا قول معروف كقول ابن جرير:" القول في تأويل قوله تعالى: كذا أي تفسيره ".
٣- أمّا في اصطلاح الأصوليين فالتأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح لدليل.
وصرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه له عند علماء الأصول ثلاث حالات:
(أ) إمّا أن يصرفه عن ظاهره المتبادر منه لدليل صحيح من كتاب أو سنة وهذا النوع من التأويل صحيح مقبول لا نزاع فيه ومثال هذا النوع ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الجار أحق بصقبه" فظاهر هذا الحديث ثبوت الشفعة للجار وحمل هذا الحديث على الشريك المقاسم حمل للفظ على