الكاذبة. ولا بد في هذا المقام من نقط يتنبه إليها طالب العلم:
أولاً: أن يعلم طالب العلم أنّ جميع الصفات من باب واحد إذ لا فرق بينها البتة لأن الموصوف بها واحد وهو جل وعلا لا يشبه الخلق في شيء من صفاتهم البتة فكما أنكم أثبتم له سمعاً وبصراً لائقين بجلاله لا يشبهان شيئاً من أسماع الحوادث وأبصارهم فكذلك يلزم أن تجروا هذا بعينه في صفة الإستواء والنزول والمجيء إلى غير ذلك من صفات الجلال والكمال التي أثنى الله بها على نفسه.
واعلموا أنّ ربّ السموات والأرض يستحيل عقلاً أن يصف نفسه بما يلزمه محذور أو يلزمه كحال أو يؤدي إلى نقص. كل ذلك مستحيل عقلاً. فإنّ الله لا يصف نفسه إلاّ بوصف بالغ من الشرف والعلو والكمال ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين على حد قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
الثاني: أن يعلموا أنّ الصفات والذات من باب واحد فكما أننا نثبت ذات الله جل وعلا إثبات وجود وإيمان لا إثبات كيفية مكيفة فكذلك نثبت لهذه الذات الكريمة المقدسة صفات إثبات وإيمان ووجود لا إثبات كيفية وتحديد.
واعلموا أنّ آيات الصفات كثير من الناس يطلق عليها اسم المشابهة وهذا من جهة غلط ومن جهة قد يسوغ كما يثبته الإمام مالك بن أنس. أمّا المعاني فهي معروفة عند العرب كما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله:" الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول والسؤال عنه بدعة ". كذلك يقال في النزول: النزول غير مجهول والكيف غير معقول والسؤال عنه بدعة، واطرده في جميع الصفات لأن هذه الصفات معروفة عند العرب إلاّ أن ما وصف به خالق السموات والأرض منها أكمل وأجل وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين كما أن ذات الخالق جل وعلا حق والمخلوقون لهم ذوات وذات الخالق جل وعلا أكمل وأنزه وأجل من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين. فعلى كل حال الشر كل الشر في تشبيه الخالق بالمخلوق وتنجيس القلب بقذر التشبيه فالإنسان المسلم إذا سمع صفة