الإلحاد والظلم في المسجد الحرام بين الإرادة والتنفيذ
تأليف الدكتور: محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود
عضو هيئة التدريس في قسم الكتاب والسنة
بكلية الدعوة وأصول الدين
جامعة أم القرى
المقدمة
الحمد لله فعّال لما يريد، بيده الخير، وهو على كل شيء شهيد. والصلاة والسلام على القائل:"من يُرِد اللهُ بهِ خَيراً، يُفقِهه في الدين"١.
أما بعد: فقد كنت في زيارة أحد أقاربي، المقربين إلى نفسي في مدينة الرياض، وتناول الحديث معه تعلقه الشديد بأرض الحرم، ورغبته الصادقة في سكناها، والعيش فيها.
وكأني أسخر منه، حين سألته: ولمَ لمْ تفعل؟ فالسبيل ميسر، والوسيلة سائرة، وقد منَّ الله عليك بالتبعية لهذا الكيان الكبير، فلا حدود ولا قيود، وأنت اليوم أصبحت خِلْواً من التزاماتك نحو عملك في الجامعة.!!!
فتبسم ضاحكاً من قولي، وصوّب نحوي نظرة شفقةٍ، وحنان، وقال: هو كما قُلْتَ، ولولا آية في كتاب الله لفعلت.
ووجمت مندهشاً وقد أخذ مني الفضول مأخذاً، نظرت إليه بلهفة، وفي عيني سؤال: وما تلك الآية، يرحمك الله؟!
فتلا قوله تعالى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج /٢٥] . فكأنه أيقظني من سبات عميق في وادٍ سحيق، فأخذت أردد تلاوة الآية الكريمة في نفسي، ورفعت إليه بصري، وسألته متغابياً: وما الذي في الآية من معنى يحول بينك وبين تحقيق حلمك الجميل؟ فردَّ قائلاً:
الإنسان منَّا عرضة للخطأ، والنسيان، فيما يقول، ويفعل، ولا يزال تحيط
١ رواه البخاري في صحيحه من كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.