للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أخرج مسلم عن طريق همّام عن أبي هريرة رفعه: "قالت الملائكة: رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر به - فقال: ارقبوه فإن عملها فاكتبوها"١.

وعند تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران/١٣٥] .

قال القرطبي قوله: " (ولم يصروا) قال القاضي أبو بكر بن الطيب: إن الإنسان يؤاخذ بما وَطَّنَ عليه بضميره، وعزم عليه بقلبه من المعصية، قال: وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامة السلف، وأهل العلم من الفقهاء، والمحدِّثين، والمتكلِّمين.

ولا يلتفت إلى خلاف من زعم أن ما يهمُّ الإنسان به، وإن وطَّن عليه لايؤاخذ، ولاحجة له في قوله صلى الله عليه وسلم: "من همَّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت سيئة واحدة"، أي: أظهرها، أو عزم عليها٢.

وقيل: من فعل المعصية، ولم يتب منها ثم همَّ أن يعود إليها فإنه يعاقب على الإصرار، جزم به ابن المبارك، وغيره.

ويؤيده أن الإصرار معصية إتفاقاً، فمن عزم على المعصية وصمم عليها كتبت عليه سيئة، فإذا فعلها كتبت عليه معصية ثانية٣.


١ انظر صحيحه كتاب الإيمان، باب: إذا همَّ العبد بحسنة (٢٠٣ـ١٢٨) ، وانظر فتح الباري لابن حجر، (١١/٣٢٧) .
٢ تفسير القرطبي (٤/٢١٥) .
٣ انظر فتح الباري، لابن حجر (١١/٣٢٧) .

<<  <   >  >>