للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ههنا، فمنهم من قال: إنها زائدة، وهذا مما لا يُحتاج إليه في سبيل العربية، لأن حمل المعنى على الفعل أولى من حملِه على الحرف.

فيقال المعنى: ومن يهم فيه بميل يكون ذلك الميل ظلماً، لأن الإلحاد هو الميل في اللغة، إلاّ أنه قد صار في عرف الشريعة ميْلاً مذموماً، فرفع الله الإشكال، وبيَّن أن الميل بالظلم هو المراد هنا١.

وقيل: ألحد في الحرم: ترك القصد فيما أُمر به، ومال إلى الظلم.

وفي الحديث: "احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه" ٢، أي: ظلم وعدوان، وفي حديث طهْفة: "لا تُلْطِط في الزكاة، ولا تلحد في الحياة" ٣.

أي: لا يجري منك ميل عن الحق ما دمت حيّاً.

روى الطبري - بسنده عن ابن عباس قوله: الإلحاد: التكذيب.

وعند قتادة - يلحدون: يشركون٤.

وقيل - الإلحاد: الزيغ. ويلحدون: يحوِّرون.

وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحِد في الحرم..." وذكر الحديث٥.

قال ابن حجر: قوله: (أبغض) هو أفعل من البغض.

قال المهلب وغيره: "المراد بهؤلاء الثلاثة أنهم أبغض أهل المعاصي إلى الله، فهو كقوله: "أكبر الكبائر"، وإلاّ فالشرك أبغض إلى الله من جميع المعاصي".


١ انظر كتابه أحكام القرآن (٣/١٢٧٦) [تحقيق على محمد البجاوي/ دار المعرفة بيروت] .
٢ رواه أبو داود في سننه من كتاب المناسك باب تحريم حرم مكة، وإسناده ضعيف فإن فيه جعفر بن ثوبان وشيخه عمارة بن ثوبان وثقهما ابن حبان، وهما مجهولان.
٣ انظر النهاية في غريب الحديث (٢/٢٥.) .
٤ انظر تفسيره (١٣/٢٨٢ ـ ٢٨٣) .
٥ انظر كتاب الديات، من صحيح البخاري، باب من طلب دم امريء بغير حق.

<<  <   >  >>