لما قام الإمام البخاري رحمه الله بالعناية التامة في تدوين سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتنقيتها من الشوائب وتجريد الأحاديث الصحيحة جعل الله له لسان صدق في الآخرين فما زال الناس منذ عصره ولا يزالون يثنون عليه ويترحمون عليه ويولون كتابه الجامع الصحيح العناية التامة وما من مؤلف في التاريخ وتراجم الرجال إلا ويزين مؤلفه بذكر ترجمته والتنويه بشأنه ونقل أخباره رحمه الله.
فهذا الحافظ الذهبي رحمه الله يترجم له في تذكرة الحفاظ ويقول بعد نقل شيء من مناقبه:"قلت: قد أفردت مناقب هذا الإمام في جزء ضخم فيه العجب".
وهذا الحافظ ابن حجر يترجم له في تهذيب التهذيب ويقول في ترجمته:"قلت: مناقبه كثيرة جدا قد جمعتها في كتاب مفرد ولخصت مقاصده في آخر الكتاب الذي تكلمت فيه على تعاليق الجامع الصحيح".
وقد ترجم له أيضا في آخر كتاب هدي الساري مقدمة فتح الباري ونقل شيئا من ثناء مشائخه وأقرانه عليه ثم قال:"ولو فتحت باب ثناء الأئمة عليه ممن تأخر عن عصره لفني القرطاس ونفدت الأنفاس فذاك بحر لا ساحل له".
وذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية في أعيان سنة ست وخمسين ومائتين وقال:"وقد ذكرنا له ترجمة حافلة في أول شرحنا لصحيحه ولنذكر هنا نبذة يسيرة من ذلك", فذكرها في ثلاث صفحات.
وترجم له ابن السبكي في طبقات الشافعية الكبرى وعّدد شيئا من مناقبه ثم قال:"واعلم أن مناقب أبي عبد الله كثيرة فلا مطمع في استيعاب غالبها والكتب مشحونة به وفيما وردناه مقنع وبلاغ".
ويجدر بهذه المناسبة أن أضع بين يدي القارئ جدولا يوضح بعض