ينفرد صحيح مسلم بخصائص يتميز بها عن صحيح البخاري، ويوجد في صحيح البخاري من الخصائص والميزات ما لا يشاركه صحيح مسلم فيه ويتفقان في أمور ترفع من شأن الكتابين معا ويسموان بها إلى منتهى الصحة والإجادة والإتقان ونشير فيما يلي إلى نماذج من ذلك:-
فيتفقان في أنهما معا في أعلى درجات الصحيح مع تفوق صحيح البخاري على صحيح مسلم في ذلك.
ويتفقان في أن العلماء تلقوهما بالقبول واعتبروهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز. ويتفقان في أن مؤلفيهما رحمهما الله سلكا في تأليفهما طرقا بالغة في الاحتياط والتثبت مع الأمانة التامة في العزو، ومن أمثلة ذلك أنهما يتقيدان غاية التقيد فيما يتلقيانه من شيوخهما في الأسانيد والمتون، وإذا كان الأمر يستدعي إيضاحا وبيانا قاما بذلك على وجه يتميز به ذلك. وقد عقد النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم فصلا خاصا بذلك قال فيه:"ليس للراوي أن يزيد في نسب غير شيخه ولا صفته على ما سمعه من شيخه لئلا يكون كاذبا على شيخه، فإن أراد تعريفه وإيضاحه وزوال اللبس المتطرق إليه لمشابهة غيره فطريقه أن يقول: قال حدثني فلان. يعني ابن فلان.. أو.. الفلاني.. أو.. هو ابن فلان.. أو.. الفلاني.. أو نحو ذلك فهذا جائز حسن قد استعمله الأئمة وقد أكثر البخاري ومسلم منه في الصحيحين غاية الإكثار حتى أن كثيرا من أسانيدهما يقع في الإسناد الواحد منها موضعان أو أكثر".
وينفرد صحيح مسلم بجمع طرق الحديث في مكان واحد غالبا مما جعل الوقوف على المطلوب فيه سهلا ميسورا. وإنما قلت - غالبا - لأنه قد وقع فيه ذكر بعض الأحاديث في أكثر من موضع.
وهذه الميزة لا توجد في صحيح البخاري إلا أنه وجد فيه بدلا منها ميزة كبرى وهي إيضاح ما اشتملت عليه الأحاديث من الفوائد الفقهية مع دقة الاستنباط وبألخص عبارة مما جعل صحيحه كتاب رواية ودراية معا. ومن أجل تحصيل هذا المطلب العظيم