صحيح البخاري وصحيح مسلم اشتملا على قدر كبير من الحديث الصحيح، وهذا القدر الذي اشتملا عليه ليس هو كل شيء في الحديث الصحيح، فإن الصحيح كما أنه موجود فيهما فهو موجود خارجهما في الكتب المؤلفة في الحديث النبوي كالموطأ وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والدارقطني والبيهقي وغيرها. وهو أمر واضح غاية الوضوح فلم ينقل عن البخاري ومسلم أنهما استوعبا الصحيح في صحيحهما أو قصدا استيعابه وإنما جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك. قال أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث:"لم يستوعبا - يعني البخاري ومسلما - الصحيح في صحيحهما ولا التزما ذلك، فقد روينا عن البخاري أنه قال: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحيح لحال الطول". وروينا عن مسلم أنه قال: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا - يعني في كتابه الصحيح - إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه ... " وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري: "روى الإسماعيلي عنه ـ يعني البخاري ـ قال: "لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيح وما تركت من الصحيح أكثر".
وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم بعد أن ذكر التزام جماعة لهما إخراج أحاديث على شرطيهما لم يخرجاها في كتابيهما قال: "وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح كما