للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النهي عن مجالسة أهل البدع

وقد جاء عن عدد من علماء التابعين، النهي عن مجالسة أهل البدع والأهواء، وذلك خوفا من أن يؤثر صاحب البدعة في جليسه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث إلى اختيار الجليس الصالح، وحذر من جليس السوء، ومثّلهما بحامل المسك أو بائع المسك، ونافخ الكير، فالجليس الصالح كبائع المسك، إما أن تشتري منه، أو يعطيك، أو تشم منه رائحة طيبة، وأما جليس السوء، فكنافخ الكير، إما أن يحرق ثوبك وإما أن تشم منه رائحة كريهة ١، وهكذا صاحب البدعة، إما أن يقذف في قلبك بدعته بتحسينه إياها، وإما أن يمرض قلبك ويؤلمه، لما تشاهد من أعماله، وتسمع من أقواله من الأمور المخالفة للشرع. ولهذا قال الحسن: (لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك، أو تخالفه فيمرض قلبك) ، وعنه: (لا تجالس صاحب بدعة فيُمرض قلبك) ، وعن أبي قلابة قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم ماكنتم تعرفون) ، قال أيوب عن أبي قلابه: (وكان والله من الفقهاء ذوي الألباب) ، وعنه قال: (إن أهل الأهواء أهل ضلالة، ولا أرى مصيرهم إلا إلى النار) ، وعنه قال: (ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف) ٢، وعن أيوب السختياني أنه كان يقول: (ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلا ازداد بُعدًا من الله) ، وكان يسمي أهل البدع خوارج، ويقول: (إن الخوارج اختلفوا في الاسم، واجتمعوا على السيف) ٣.


١البخاري، البيوع، فتح الباري ٤/٣٢٣ ح ٢١٠١ طرفه ٥٥٣٤.
مسلم، البر، ٤/٢٠٢٦ ح١٤٦.
٢ الاعتصام، الشاطبي ١/٨٣.
٣ الاعتصام، الشاطبي ١/٨٣.

<<  <   >  >>