للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبذلك وصف ملائكته وأنبياءه فقال تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} ] الأنبياء:١٩-٢٠ [.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} ] الأعراف:٢٠٦ [.

وذم المستكبرين عنها بقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ] غافر:٦٠ [.

ونعت صفوة خلقه بالعبودية له فقال تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً} ] الإنسان: ٦ [.

وقال سبحانه: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} ] الفرقان: ٦٣ [.

ومن هذا البيان الرائع، والتفصيل الممتع الذي ذكره الإمام ابن تيمية ١، يظهر لنا أثر العبادات في الأفراد والجماعات، أما أثرها في الأفراد فتتمثل في تقويم أخلاقهم، وتزكية نفوسهم وتوجيههم الوجهة النافعة، وتصوغهم صياغة جديدة ترتكز على الصلة بالله، والتعرف إليه، وإبراز الخصائص العليا الكامنة فيهم، وتطهيرهم من الغرائز السفلى وفي سبيل تحقيق هذه الغاية أوصى الله عباده بالفضائل وحذرهم من الرذائل فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ] النمل: ٩٠ [.

فأثر العبادات واضح في تقويم الأخلاق وتزكية النفوس، وشحز العزائم إلى جانب أنها تزكي في العبد ملكة المراقبة لربه، وترقى به إلى درجة الإحسان الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام:"الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"٢.

وإذا نظرنا في الأَحاديث، كهذا الذي مر آنفا وكالحديد الذي يقوله فيه عليه الصلاة والسلام لابن عباس وكان رديفه "يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.. . الخ"٣.

إذا رأينا في هذه الأحاديث الكلام الموجه للفرد فإن المقصود به الأفراد ومن مجموع الأفراد تتكون الجماعات والأمم.


١ العبودية لابن تيمية: ٣٨-٤٠.
٢ البخاري.
٣ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>