لا نعتقد أنه بوسعنا ولا بوسع بشر، مهما أوتي من علم، ورزق من حكمة أن يحيط علما بأسرار الله التي تضمنتها العبادات التي شرعها. والشعائر التي وضعها، ولولا أن الله -بمنه وكرمه- أوضح من ذلك جوانب، وأشار إلى أخرى، إيناسا للنفوس وجذبا للقلوب، ما كان لبشر أن يخوض في ذلك أو يتكلم فيه والتسليم معيار الإيمان، وميزان الإخلاص {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ] النور: ٥١-٥٢ [.
وهذا الركن الذي نحن بصدد الحديث عنه وهو: الصيام له آثاره البعيدة المدى على النفوس، وله فوائده المحققة على المجتمع، في كافة جوانبه وأحواله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ] البقرة: ١٨٣ [.
ويقول عليه الصلاة والسلام:"الصيام جنة" ١، وقد أمر عليه الصلاة والسلام، من اشتدت عليه شهوة النكاح- ولا قدرة له عليه- بالصيام.