يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "فإذا كان - أي النبي صلى الله عليه وسلم - قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولي أحدهم كان هذا تنبيهاً على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك"١.
إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة التي تدل على أنه لابد من إقامة حاكم يرعى حقوق الله تعالى، ويصون حقوق الناس، ويسوس الأمة بالعدل، وينصف المظلوم، ويؤدي لكل ذي حق حقه.
وأنه يجب له السمع والطاعة في غير معصية الله، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وأنه لا يجوز الخروج أو خلع هذه الطاعة، وأن من خلع هذه الطاعة لا حجة له في فعله، ولا عذر له يوم القيامة.
كما أن الأحاديث تدل على وجوب لزوم الجماعة، وعدم الخروج عنها، لأن ذلك يؤدي إلى الافتراق والاختلاف في الأمة، وهذا الأمر أصل من أصول أهل السنة والجماعة، التي باينوا فيها أهل البدع والأهواء، فعلى المرء المسلم أن يسمع ويطيع لولاة الأمر في المعروف، فإن ذلك من طاعة الله - عز وجل.
ولقد كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إذا أعياه أمر سأل الناس، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بقضاء؟ فإن كان عندهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء أخذ به وقال: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا، وإن لم يجد فيه سنة، استشار رؤوس الناس وخيارهم، فإن أجمع أمرهم على رأي قضى به.
١ كتاب الحسبة لابن تيمية ص٩ مكتبة البيان - دمشق ١٣٨٧ هـ.