للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام وردة صريحة عن دين الله الذي ارتضاه لعباده حتى ولو كانت العلمانية بمعناها المعتدل في مرحلتها الأولى.

٢- إقامة حاجز بين عالمي الروح والمادة، والقيم الروحية لديهم سلبية، وإقامة الحياة على أساس مادي.

والعلمانيون بهذا المبدأ يفرضون على الإنسان قوانين لا تلائم تكوينه الذاتي، القائم على التوازن الدقيق بين المادية والروحية، فإنها تتعرض دائما للتمرد والعصيان، الأمر الذي يدفعها دائماً إلى إعادة النظر في قوانينها ونظمها وتغيير مناهجها، وذلك من أجل تقبل الناس لها ومحاولة للتوازن والتوافق١.

والمجتمعات العلمانية عامة تقوم على أساس الإشباع المادي للإنسان، مع إهمالها تماماً للناحية الروحية والنفسية؛ لأنها استبعدت الدين من مجال الحياة، وأقامت حضارة غربية أفقدت الرؤية الواضحة للإنسان، وحولته إلى حيوان يأكل ويشرب، ولا هم له غير ذلك، وأغلب ما يقع اليوم من الجرائم والمآثم، إنما هو بسبب هذا الإشباع المادي، وثمرة الكفر بالله واليوم الآخر، وأثر من آثار التنكر للحق، والاستهانة بالأخلاق.

ومن ثَم كانت هذه النظرة المادية للحياة نظرة من شأنها أن تباعد بين الإنسان وفطرته الخيّرة، وتسلخه من الطيبة والسماحة، وتميت فيه عاطفة المحبة والرحمة، وتجعل منه عدواً لنفسه وللبشرية، وتجعله شر ما يدب على الأرض؛ قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} ٢.


١ العلمانية المنشأ والأثر، زكريا فايد ١٣٣.
٢ سورة الأنفال، الآيتان (٢٢، ٢٣) .

<<  <   >  >>