للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى السماء الدنيا": إنه لا ينزل. لأن إسناد المجيء والنزول إلى الله مجاز عندهم. وأظهر علامات المجاز عند القائلين به صحة نفيه ونفي ما أثبته الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أبطل الباطل، ولا يمكن الانفكاك عنه بتأويله إلى أمره، لأنه ليس في السياق ما يدل عليه.

ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات، أو تعدى إلى الأسماء أيضا. ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض، كالأشعرية والماتريدية، أثبتوا ما أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه، ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه أو لا يدل عليه.

فنقول لهم: نفيكم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه، يمكن إثباته بالطريق العقلي الذي أثبتم به ما أثبتموه، كما هو ثابت بالدليل السمعي.

مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة، ونفوا صفة الرحمة.

أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها.

أما السمع: فمنه قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} .

وأما العقل: فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو وصف دليل على الإرادة.

ونفوا الرحمة قالوا: لأنها تستلزم لين الراحم، ورقته للمرحوم، وهذا محال في حق الله تعالى.

وأولوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة إلى الفعل، أو إرادة الفعل، ففسروا الرحيم بالمنعم، أو مريد الإنعام.

<<  <   >  >>