للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

فيكون ظاهر الآية: أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده، وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، لا أنه سبحانه مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض.

أما في آية الحديد فقد ذكرها الله تعالى مسبوقة بذكر استوائه على عرشه، وعموم علمه متلوة ببيان أنه بصير بما يعمل العباد، فقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .

فيكون ظاهر الآية: أن مقتضى المعية علمه بعباده وبصره بأعمالهم مع علوه عليهم واستوائه على عرشه، لا أنه سبحانه مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض، وإلا لكان آخر الآية مناقضا لأولها، الدال على علوه واستوائه على عرشه.

فإذا تبين ذلك أن مقتضى كونه تعالى مع عباده أنه يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبر شؤونهم، فيحي ويميت، ويغني ويفقر، ويؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء،

<<  <   >  >>