وما ذهب إليه هذا القائل له حظ من النظر، لكن القول الأول أظهر وأسلم وأليق بمذهب السلف.
ويجاب عن من جعله قرينة من كون التقرب إلى الله تعالى، وطلب الوصول إليه لا يختص بالمشي: بأن الحديث خرج مخرج المثال لا الحصر، فيكون المعنى: من أتاني يمشي في عبادة تفتقر إلى المشي لتوقفها عليه، بكونه وسيلة لها كالمشي إلى المساجد للصلاة، أو من ماهيتها كالطواف والسعي. والله تعالى أعلم.
المثال الثالث عشر: قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً} ؟.
والجواب: أن يقال ما هو ظاهر هذه الآية وحقيقتها، حتى يقال: إنها صرفت عنه؟
هل يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام بيده، كما خلق آدم بيده؟.
أو يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام كما خلق غيرها، لم يخلقها بيده، لكن إضافة العمل إلى اليد والمراد صاحبها؛ معروف في اللغة العربية التي نزل بها القرآن.
أما القول الأول فليس هو ظاهر اللفظ لوجهين:
أحدهما: أن اللفظ لا يقتضيه بمقتضى اللسان العربي الذي نزل القرآن به، ألا ترى إلى قوله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ، وقوله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ