للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنهم كانوا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، كما في قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} .

ولا يمكن لأحد أن يفهم من قوله تعالى: {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} أنهم يبايعون الله نفسه، ولا أن يدّعي أن ذلك ظاهر اللفظ؛ لمنافاته لأول الآية والواقع، واستحالته في حق الله تعالى.

وإنما جعل الله تعالى مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعة له لأنه رسوله، وقد بايع الصحابة على الجهاد في سبيل الله تعالى، ومبايعة الرسول على الجهاد في سبيل من أرسله مبايعة لمن أرسله، لأنه رسوله المبلغ عنه، كما أن طاعة الرسول طاعة لمن أرسله، لقوله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} .

وفي إضافة مبايعتهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى من تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وتأييده، وتوكيد هذه المبايعة، وعظمها، ورفع شأن المبايعين؛ ما هو ظاهر لا يخفى على أحد.

الجملة الثانية: قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ، وهذه أيضا على ظاهرها وحقيقتها، فإن يد الله تعالى فوق أيدي المبايعين، لأن يده من صفاته، وهو سبحانه فوقهم على عرشه، فكانت يده فوق أيديهم.

وهذا ظاهر اللفظ وحقيقته، وهو لتوكيد كون مبايعة النبيصلى الله عليه وسلم مبايعة لله عز وجل، ولا يلزم منها أن تكون يد الله جل وعلا مباشرة لأيديهم، ألا ترى أنه يقال: السماء فوقنا، مع أنها مباينة لنا بعيدة عنا. فيد الله عز وجل فوق أيدي

<<  <   >  >>