(٤) مذاهب العلماء في قبول الحديث المرسل والعمل به أو رده:
وقد اختلف العلماء في قبول الحديث المرسل بين القبول مطلقاً والرد مطلقاً أو التفصيل فيه.
ويرجع الخلاف في هذه المسألة إلى القواعد المتبناة من أئمة الأصول والفقهاء في أصول الرواية.
أولها: قبول رواية المجهول العدالة والاحتجاج به.
وثانيها: هل أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له أم لا؟.
وثالثها: قول الراوي: حدثني منِ لا أتهم أو نحو ذلك هل يحتج به إذا لم يسمعه أم لا؟.
ورابعها: هل يقبل التعديل مطلقاً أم لابد من ذكر سببه، وهل يشترط عدد معين في التعديل؟.
إن استقراء هذه القواعد ومناقشتها لتبيين ما هو الحق منها، فتخرج في قبول المرسل أورده إطلاقاً أو التفصيل في ذلك.
أ- المذهب الأول: قبول المرسل:
ممن قال بقبول الحديث المرسل والعمل به: مالك بن أنس، وأبو حنيفة، وجمهور أصحابهما, وأكثر المعتزلة كأبي هاشم، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه وابن القيم وابن كثير وغيرهم، ولهم في قبوله أقوال:
* أولها: قبول كل مرسل سواء بعد عهده وتأخر زمنه عن عصر التابعين حتى مرسل العصور المتأخرة، وهذا توسع غير مقبول، ومردود بالإجماع في كل عصر، ولو عمل به لزالت فائدة الإسناد وبطلت خصِّيصة هذه الأمة.
ثانيها: قبول مراسيل التابعين وأتباعهم مطلقاً، قال ابن الحنبلي في "قفو الأثر: "والمختار في التفصيل قبول مرسل الصحابي إجماعاً، ومرسل أهل القرن الثاني والثالث عندنا