للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ينكف به من هجر وغيره إذا كان ذلك أنفع في الدين”.

وقال أيضاً:“فإذا أظهر المنكر وجب الإنكار عليه بحسب القدرة ويهجر ويذم على ذلك، بخلاف من كان مستتراً بذنبه مستخفياً فإن هذا يستر عليه لكن ينصح سراً، ويهجره من عرف حاله حتى يتوب”١.

وقال الذهبي:“فإذا كان الجار صاحب كبيرة فلا يخلو: إما أن يكون مستتراً بها يغلق بابه عليه، فليعرض عنه، ويتغافل عنه، وإن أمكن أن ينصحه في السر ويعظه فحسن. وإن كان متظاهراً بفسقه، مثل مكاس أو مرابي فهجره هجراً جميلاً، وكذا إن كان تاركاً للصلاة في كثير من الأوقات فمره بالمعروف وانهه عن المنكر مرة بعد أخرى، وإلا فاهجره في الله تعالى، لعله أن يرعوي ويحصل له انتفاع بالهجرة، من غير أن تقطع عنه كلامك وسلامك وهديتك، فإن رأيته متمرداً عاتياً بعيداً عن الخير فأعرض عنه” ٢.

كما يحسن التنبيه على أمر آخر مهم في هذا: وهو أن الهجر من العقوبات الشرعية التي ثبتت بالشرع، وهي من الزواجر عن ارتكاب الذنوب، إلا أن هذا الزاجر وهذه العقوبة تستخدم حيث تنفع ويتحقق المقصود الشرعي منها، وهو تقليل الشر وتكثير الخير، أما إذا كانت تؤدي إلى خلاف ذلك من تكثير الشر وتقليل الخير فإن الأولى أن يسعى المسلم إلى الوصول إلى المطلب الشرعي بأوصل الطرق إليه.

قال ابن عبد البر رحمه الله:“ولا هجرة إلا لمن ترجو تأديبه بها أو تخاف من شره في بدعة أو غيرها” ٣.


١ مجموع الفتاوى (٢٨/٢١٧، ٢٢٠) مختصراً.
٢ حق الجار (ص:٤٦-٤٧) نقلاً عن الهجر من الكتاب والسنة (ص:١٨٨) .
٣ التمهيد (٦/١١٩) .

<<  <   >  >>