للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من جنس المصالح التي جاء بها الشارع.. وبهذا تكون شبيهة بالمعتبرة.

وأما شرط الغزالي أن تكون المصلحة ضرورية١ فإنه قد يشعر بحصر نطاق العمل بالمصلحة المرسلة على مرتبة الضروريات دون سائر المراتب الأخرى (الحاجيات والتحسينات) وذلك قد يصح إذا اقتصرنا على أحد مؤلفاته ((المستصفى)) لكن هذا الظن قد يتبدد إذا رجعنا إلى سائر مؤلفاته٢.

ولعل ما جاء بالمستصفى كان بيانا لما هو موضع اتفاق بين الجميع، إذ يعمل بالمصلحة الضرورية عند جميع الفقهاء بلا استثناء، وذلك في ظننا راجع إلى القاعدة الأصلية ((الضرورات تبيح المحظورات)) ٣.

كذلك قد يكون الغزالي في معرض بيان الترجيح بين مصلحة ضرورية وأخرى أوفى منها فهو يخص الضرورية بالعمل والتقديم..

ولقد يكون ما ضربه الغزالي مثلا دليلا على ذلك، فهو يضرب مثلا بحالة تترس الكفار ببعض المسلمين، فنحن إزاء مصلحتين: الحفاظ على حياة المسلمين الذين تترس بهم الكفار، ثم الحفاظ على الدين بهزيمة هؤلاء الكفار وفي مراتب المصالح تتقدم المصلحة الأخيرة على المصلحة الأولى لأنها ضرورية وقطعية (أي حقيقية) وكلية (أي عامة) ٤.


١ المستصفى للغزالي ج ١ ص ١٤١ وشروطه أن تكون ضرورية، وقطعية، وكلية، والشرطان الأخران هما اللذان أشرنا إليهما من فبل ((أن تكون حقيقية وعامة)) أما الشرط الأول فقد أولناه في المتن.
٢ جمع الجوامع وحاشية البناني عليه ج ٢ ص ٢٨٤، وشفاء الغليل ص ١٨٨ وفي هذا المرجع أشار الغزالي إلى الأخذ بالمصالح في دائرة الحاجيات، وفي المنخول –ورقة ١٣٥- أطلق الأمر دون شروط - راجع الدكتور البوطي المرجع السابق- الإمام الشاطبي في الاعتصام ج ٢ ص ٢٨٢، ٢٨٣.
٣،٢ -الدكتور البوطي- المرجع السابق والأستاذ أبو زهرة أصول الفقه ص ٢٧٢، والأستاذ عبد الوهاب خلاف في الاجتهاد بالرأي ص ٩٤.

<<  <   >  >>