للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي (زهر الأكم في الأمثال والحكم) يعرض اليوسي لما قاله بعض النقاد العرب القدماء من أن الحكم، التي اشتهر بها أبو الطيب المتنبي، إنما أخذها عن أرسطو، وليس له فيها من فضل وهذا هو النص وقال -أي: المتنبي-:

وأظلم أهل الظلم من بات حاسدًا ... لمن بات في نعمائه يتقلب

قال صاحب (الرسالة الحكيمة) وهو قول أرسططاليس: أقبح الظلم حسدك لعبدك ومن تنعم عليه، قلت: وهو غلط إن كانت رواية هذه الحكمة هكذا، فإن أبا الطيب إنما أراد عكسها، وهو أن أقبح الظلم أن يحسدك من تنعم عليه وتحسن إليه، بدليل سياق كلامه:

وقد يترك النفس التي قد لا تهابه ... ويحترم النفس التي تتهيب

وقال أيضًا:

لابد للإنسان من ضجعة ... لا تقلب المضجع عن جنبه

ينسى بها ما مر من عجبه ... وما أذاق الموت من ركبه

نحن بنو الموت فما بالنا ... نعاف ما لا بد من شربه

تبخل أيدينا بأرواحنا ... على زمن هي من كسبه

فهذه الأرواح من جوِّه ... وهذه الأجسام من تربه

لو فكر العاشق في منتهى ... حسن الذي يسبيه لم يسبه

وهو معنى قول أرسططاليس: النظر في عواقب الأشياء يزهِّد في حقائها، والعشق عمى النفس عن درك رؤية المعشوق، والذي قبله هو معنى قوله أيضًا: اللطائف سماوية والكثائف أرضية، وكل عنصر عائد إلى عنصره الأول، وقال:

يموت راعي الضأن في جهله ... موت جالينوس في طبه

وقال:

<<  <   >  >>