للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم يحفظ جميل شجر الدر التي أخذت له البيعة، واستدعته من مقره البعيد، وولته السلطة، فاتهمها بإخفاء أموال كانت لأبيه، حتى اضطرت لمعاداته ومغادرته إلى القدس هربا من مضايقاته١، ثم لم تلبث أن عادت وجعلت تتصل بأنصارها من المماليك البرجية المعادين لتورانشاه، فقاموا بمهاجمته وهو في معسكره في فارسكور، وذلك في ٢٩ محرم عام ٦٤٨ هـ (١٢٥٠م) ٢ مما اضطره لإلقاء نفسه في البحر من فوق برج خشبي كان قد التجأ إليه، فحرقوه عليه بعد أن قذفوه بالسهام، فمات جريحا غريقا حريقا، دون أن تنفعه استعطافاته وصياحه "ما أريد ملكا، دعوني أرجع، خذوا ملككم ودعوني أعود إلى حصن كيفا"٣ ولكنهم لم يلاقوا بالا لأقواله وقالوا: "بعد جرح الحية لا ينبغي إلا قتلها"٤.

وقيل إنه حاول الاستنجاد بأبي عز الدين رسول الخليفة العباسي، الذي كان معه في المعسكر فصاح: "يا أبا عز أدركني" ولكن أبا عز الدين لا يملك أن يفعل شيئا تجاه هؤلاء القادة الغاضبين٥.

وقيل: بقيت جثته على شاطئ النيل ثلاثة أيام، ثم دفنت مكانها وقيل: بل كشف عنها الماء بعد ثلاثة أيام، فنقلت إلى الجانب الآخر وذلك بجرها في الماء بصنارة من قبل شخص راكب في مركب كما يجر الحوت٦.


١ أبو الفداء، تاريخ مختصر الدول، ص: ٤٥٤- ٤٥٥.
٢ ابن واصل، مفرج الكروب ٢/ ٣٧١. أبو الفداء، المسطر: ٣/٠ ١٩.
٣ ابن واصل، مفرح الكروب: ٢/ ٣٧١. أبو المحاسن، النجوم: ٦/ ٣٧١.
٤ أبو شامة، عبد الرحمن به إسماعيل بن إبراهيم الدمشقي (٦٦٥- ١٢٦٨م) ، الذيل عام الروضتين ص: ١٨٠، تحقيق عزت العطار بعنوان تراجم رجال القرنين السادس والسابع، ط. القاهرة، ١٩٤٧م.
٥ أبو شامة، الذيل، ص: ١٨٥.
٦ أبو شامة، الذيل، ص: ١٨٥، نقلا عن كلام والي القاهرة.

<<  <   >  >>