للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي مفردها (مولى) ١، والتي تعني- اصطلاحا- عند المؤرخين المسلمين: كل من أسلم من غير العرب. فالموالي قد يكون أصل بعضهم من أسرى الحروب الذين استرقوا ثم أعتقوا، أو من أهل البلاد المفتوحة الذين انضموا إلى العرب فصاروا موالي بالحلف والموالاة٢.

والرق وأسباب الاسترقاق قديم قدم الإنسان، عرفته الأمم الغابرة من سكان ما بين النهرين، ووادي النيل، واليونان، والرومان، والعرب في الجزيرة العربية، وأقرته معظم الديانات كاليهودية والنصرانية، أما الإسلام فإنه لم ينص على إلغائه وتحريمه صراحة، ولكنه حض على تحرير الأرقاء، وعلى حسن معاملتهم، كما نظم العلاقة بينهم وبين سادتهم٣ بما يجعلهم إخوانا في الإسلام والإنسانية متحابين، يعلم كل منهم حقوقه وواجباته، حتى صار الكثيرون من الموالي شديدي الوفاء والإخلاص لسادتهم.

والتاريخ الإسلامي ملئ بأمثلة تدل على أن المسلمين استجابوا لشرائع دينهم، فأكرموا هؤلاء الموالي والأرقاء، ووثقوا بهم، ورفعوهم إلى أعلى الدرجات، ولو أردنا أن نذكر جميع الأمثلة على ذلك لأطلنا، ولكنني أجتزئ بعض الأمثلة على ذلك، فقد تولى وردان مولى عمرو بن العاص خراج مصر٤، واستعمل مسلمة بن مخلد- والي مصر وأفريقيا في عهد معاوية بن أبي سفيان- استعمل مولاه أبا المهاجر دينار على أفريقية عام ٥٠ هـ٥. كما ولى أفريقية عام ٧٣ هـ تليد مولى عبد العزيز بن مروان٦. وكان موسى بن نصير القائد


١ المولى والولي: بمعنى واحد في كلام العرب، وهو يدل على عدة مسميات، فهو الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار؟ وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق. ابن منظور: لسان العرب: ٥/ ٤٠٩، القاموس المحيط: ٤/ ٢٩٤. انظر: د. جميل المصري، الموالي، موقف الدولة الأموية منهم، صر: ٢٣، دار أم القرى للنشر والتوزيع، عمان، ١٩٨٨م، الطبعة الأولى.
٢ ابن خلدون، عبد الرحمن بن أحمد (٨. ٨هـ _ ٥ ١٤٠ هـ) ، مقدمة ابن خلدون، ص: ٩٦، بيروت، ١٩٠٠ م.
٣ حض الإسلام على تحرير الأرقاء، وجعل ذلك من أعظم الصدفات وكفارة للظهار والأيمان، والقتل الخطأ وغير ذلك من الذنوب الكبيرة {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ} سورة البلد، آية: ١١، ١٢. كما حض الرسول صلى الله عليه وسلم على حسن معاملة الرقيق (إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم؟ فمن كان أخو تحت يده، فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفهم ما يثقلهم، فإن كلفتموهم فأعينهم عليه) صحيح البخاري جـ ١ باب ٢٢ الإيمان
٤ ابن عبد الحكم، ٢٥٧ هـ- ٨٧٤ م، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم، فتوح مصر "والمغرب، ١٩٢٤ م.
٥ الطبري، ٠ ٣١ هـ- ٩٢٣ م، أبو جعفر محمد به جرير، تاريخ الرسل والملوك، ١٣ جزءا ٠ ١٨٩، ص ٦٧، وابن عبد الحكم ص:١٩٧.
٦ ابن عبد الحكم، ص: ٢٠٣.

<<  <   >  >>