للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عن كل ذلك، فهذه إمارات دالة على نشوزها وعصيانها، فحينئذ ظُنّ نشوزها، ومقدمات هذه الأحوال توجب خوف النشوز (١) .

وفي تفسير المنار: قوله عز وجل: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ... } النشوز في الأصل بمعنى الارتفاع، فالمرأة التي تخرج عن حقوق الرجل قد ترفعت عليه، وحاولت أن تكون فوق رئيسها، بل ترفعت أيضا عن طبيعتها وما يقتضيه نظام الفطرة في التعامل، فتكون كالناشز من الأرض الذي خرج عن الاستواء، وقد فسر بعضهم خوف النشوز بتوقعه فقط، وبعضهم بالعلم به، ولكن يقال لم ترك لفظ العلم واستبدل به لفظ الخوف، أو لِمَ لم يقل: واللاتي ينشزن؟، لا جرم أن في تعبير القرآن حكمة لطيفة، وهي: أن الله تعالى لما كان يحب أن تكون المعيشة بين الزوجين معيشة محبة ومودة وتراض والتئام لم يشأ أن يسند النشوز إلى النساء إسناداً يدل على أن من شأنه أن يقع منهن فعلاً، بل عبر عن ذلك بعبارة تومئ إلى أن من شأنه أن لا يقع، لأنه خروج عن الأصل الذي يقوم به نظام الفطرة، وتطيب به المعيشة، ففي هذا التعبير تنبيه لطيف إلى مكانة المرأة وما هو أولى في شأنها، وإلى ما يجب على الرجل من السياسة لها وحسن التلطف في معاملتها، حتى إذا آنس منها ما يخشى أن يؤول إلى الترفع وعدم القيام بحقوق الزوجية، فعليه أولاً أن يبدأ بالوعظ الذي يرى أنه يؤثر في نفسها ... (٢) .


(١) تفسير الفخر الرازي ١٠/٩٢.
(٢) تفسير المنار ٥/٧٢.

<<  <   >  >>